يتنقل الروائي السوري خليل النعيمي في روايته الجديدة (لو وضعتم الشمس بين يدي)، بين قلب ساخن، وعقل بارد، يحاكي فيما بينهما الحالة السورية ببعدها الإنساني والسياسي والوجودي، "كنت أعرف أن الجائع لا يشبع من الانتظار، لكنه بغير الانتظار لن يحصل على شيء" صفحة 24،
قراءة كتاب لو وضعتم الشمس بين يدي
تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"
اللغة: العربية
الصفحة رقم: 8
وعندما نلتقي تكون الحكاية بالكاد قد بدأت· أبْنيها اليوم، وتهدِّمها غداً· أقضي أياماً ولياليَ وأنا أُخطط لاصطياد لحظات عابرة منها· وهي لا تكاد تدرك حتى الجهد الخارق الذي أُعانيه· لكأنني منذور بطبيعتي، بطبيعة الجنس والتقاليد، لكَيْ أتصرّف معها بهذا الشكل· ولأُبَذِّر وقتي بلا حساب·
لم تكن تعرف الامتنان· ولا يهمّها الجُهْد الذي أصرفه من أجل أن نتلاقى· هي مطمئنة إلى وضعها وحياتها، أو هي تُظْهِر ذلك على الأقل· وأنا أتَقَلَّب في جحيم متعدد الأبعاد: كَبْت جنسيّ، وحرْمان عاطفيّ، وبؤس·
المدينة، كلها، لا تشفي غليلي· ولا النساء الأخريات اللواتي كنتُ محروماً منهن· جسدي يسخن، ويبرد، بين يديها وهي لا تدري· أو هي تدري ولا تريد أن تعترف، أو تروق· هي مقفول عليها في قفص من وجود كتيم· وأنا أتَدَحْرج نحوها بلا أمل، مثل كرة زِبْـل طازج في بوادي الجزيرة· تُدَحْرِجها الجعلان والخنافس إلى حيث تندفن بلا مبالاة تحت التراب· لا أحد يأبه بها· ولا يَلْتقِطُها حتى الرُعاة·
مع ذلك، كنتُ أرى خيوط الشَوْق تصبغ وجنتيها، وهي تستمع مبهورة إلى مخططاتي الغامضة التي أبتكرها، كلما الْتَقيْنا·
ولكَيْ تطمئن إليّ، وإلى المساء، وإلى المكان الذي سنجتمع فيه، كنتُ ألجأ، في كل مرة، إلى ألاعيب كثيرة لأستميلها، وأملأ مخيّلتها الجنسية الفارغة (أو التي كنت أحسب أنها كذلك) بالإثارة· كنتُ أظُنُّ أن استجابتها قريبة، وشَبَقيّتها هائلة، وأنها لن تقاوِم طويلاً· لكنني لم أكن أدرك، بعد: أن الظُنون فُنون·
ولسذاجتي، كنتُ أحسبُ، أنه لا بد لها، في النهاية، من الرضوخ لرغباتي· لرغباتها هي، أيضاً· رغباتها الخفية، الكامنة في قلبها، والتي أحسُّها تنبض تحت جلدها الأملس المثير، مثل نار تحت رماد خفيف· أو هذا ما كانت توحي لي به تلك القشعريرة التي أصير أراها تَسْري في دمها، مرتسمة على شفَتَيْها اللتين أكاد الْتَهِمهما، شَوْقاً· ولكن، متى يحصل هذا؟
يومها؟ لا! فيما بعد، حينما سأبتعد عن مواقعي الأولى كثيراً، سأدرك أن الكائن لا ذنب له إنْ أخطأ، مع أنه لن يصيب أبداً، في مجتمع مثل هذا: كل شيء فيه محظور، إنْ لمْ يكم محرَّماً·