قراءة كتاب لو وضعتم الشمس بين يدي

تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"

‏اللغة: العربية
لو وضعتم الشمس بين يدي

لو وضعتم الشمس بين يدي

يتنقل الروائي السوري خليل النعيمي في روايته الجديدة (لو وضعتم الشمس بين يدي)، بين قلب ساخن، وعقل بارد، يحاكي فيما بينهما الحالة السورية ببعدها الإنساني والسياسي والوجودي، "كنت أعرف أن الجائع لا يشبع من الانتظار، لكنه بغير الانتظار لن يحصل على شيء" صفحة 24،

تقييمك:
0
لا توجد اصوات
المؤلف:
الصفحة رقم: 9
في ذلك المساء الدمشقيّ المَحْموم، سأختار زاوية مظلمة وأخْنُس فيها، بانتظار أن تحاذيني· وهي تتجاهل هذا، كله، آتيَـةً، تمشي بتلعثم وبطء، وكأنها مُكَتَّفة بخيوط لا مرئية· لكأنها لا تريد أن تصل إلى حيث أريد، حتى ولو صرفتُ العمر كله في سبيله·
 
منذ متى وأنا أتهيَّأ لهذا اللقاء العاثر؟
 
وإلى أي أمَدٍ سأظلُّ···؟ أصير أتَحَرَّق من قسوة الانتظار·
 
والآن، أجدني أتساءل مرعوباً: مِنْ أين كانت تنبع عندي كل تلك القُدْرة على التَحَمُّل، والصَبْر؟ وكيف ولدَتْ عندي فكرة الاستواء الذاتي الذي سيقودها إليَّ إنْ عاجلاً، أو···
 
حتى إنني صرتُ أعتقد، فعلاً، أنها ستَسْتوي بشغفها، ذات يوم، وتَهُرَّ فوقي مثل تينة دمشقية ناضجة· وما عليَّ آنذاك، إلاّ···
 
لو كنتُ قائداً حربياً، يتهَيَّأ ليخوض معركة فعلية، لما تَطَلَّب الأمر مني كل ذلك الجهد· أُفَكِّر· صرتُ أحب أن أنهزم· أن أتخلّى عن كل لقاء محتمَل· أن أغوص· لكنني، لحماقتي، ربما، أو بسبب توتّري الجنسيّ الهائل، كنتُ أشجّع نفسي، متحمِّساً: أي قائد أحق بالتقدير مِنْ كائن يقود معركتة الخاصة؟ وكنتُ أحدد: وبالخصوص عندما تكون معركته الجنسية
 
وأحياناً، أُضيفُ، مؤكِّداً لنفسي ما سئمتُ من تكراره: معركة مثل هذه، في مجتمع مثل هذا، لا بد من ربحها مهما كانت الخسائر، والأساليب
 
 وبنوع من التحدّي السابق لأوانه، أصير أُبَرِّرسلوكي الذي كنتُ أعتبره غير لائق، ولا بد، وإلاّ لِمَ التبرير السخيف، وأنا كالعصفور الجائع الذي يريد أن ينقر، أو يحاول أن ينقر، بعض حَبّات القمح المدفونة في الزبل، ولا يجد شيئاً؟ إنخذالي المحتَمَل بشدَّة، هو الذي كان بحاجة إلى تبرير· وكنتُ أُغمض عينيَّ عنه·
 
وأيّاً كانت الحال، أروح أردد، بكآبة عميقة: في مجتمع كهذا، لا يشتهي سوى تعذيب الكائن وتدمير رغبته، كل فوز بجسد جديد يعد غنيمة لا مراء فيها
 
 وأخيراً، لكي أُهدِّىء انفعالاتي، وأُواسي نفسي، كنتُ أستعين على محنة الانتظار الذي لا ينتهي بعبارات أرتجلها حسب الوقت والحاجة·

الصفحات