أنت هنا

قراءة كتاب مدينة لا تخرج من البيت

تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"

‏اللغة: العربية
مدينة لا تخرج من البيت

مدينة لا تخرج من البيت

رواية "مدينة لا تخرج من البيت" الصادرة عن «المؤسسة العربية للدراسات والنشر» لللكاتب والتشكيلي الفلسطيني محمد السمهوري، هي رواية تقترب من الفانتازيا لتتحدث عن بُعدين تاريخي ورمزي، حيث يحكي الكاتب قصة مدينة يقرر زعيمها حشرها في البيت، ليتناول فيها الأحداث ببع

تقييمك:
0
لا توجد اصوات
الصفحة رقم: 8
يفكر متى يعود إلى حلمه؟ ويتساءل كيف يقضي هو وقته من دونه؟ ماذا يفعل؟ هل يكون ضجرا، أم متماهياً مع تفاصيل الحياة؟ أم أنه يحضر إليه مشهدا يحب أن يراه؟ تثيره الأسئلة·· هل يجوع؟ هل تتعب روحه؟ هل يفكر في الانتحار حيث تشتد الأزمات أم يواجه الحياة كما نفعل نحن، بماذا يفكر وهو جالس في الشارع أو المقهى أو البيت أو في المخيلة؟ هل تزعجه أصوات السيارات؟ كيف يرى الجنود وهم يتحركون ضمن خطة من أجل القتل؟ هل يحب الأطفال ويفسر لهم نفسه، بعد أن يأخذوا قسطا من حليب أمهاتهم؟ هل يمرض وينظر مثلنا إلى دوائه المركون بجانب السرير؟ هل يحب الحيوانات ويمنحها نفسه؟ تزدحم الأسئلة في جسده وعقله ودقات الساعة، وغبار النهار، في ضوء البيت، في لحن ينساب على الروح كأنه رشة ملح في قدر جائعة·
 
منحه الحلم أن يتورط فيه وفي ماهيته، وإنسانيته التي يستقيها منه، كان يتأمله، وهو يأتيه مسرعا لكي يمنحه نفسه، ليخفف عنه ضغط الحياة، يأتيه حين يخلو من الناس وافتقادهم له أو حين يتوه أكثر مما ينبغي، ينسى أو يفقد بوصلته حين يشعر بالضعف، وحين تخونه العناوين، يمشي في شوارع رسمها على جدران· فيها أسوار، ألوان، أزهار وشجر بألوان غير معتادة، كان يرسم له الحلم طرقاً وبيوتاً وسماء ووجه الحبيبة، كان يعلمه الجمال وأبجدياته، كان يقول له بأن الصبر هو التفهم والتسامح هو الكبرياء، والغضب من سمات الضعفاء، كان أكثر مجدا حين يمنحه صولجانه، كان يجلس أحيانا يحدثه عن الآخرين، عن تفاصيلهم وكم هم صعبون، وكم هم مطحونون لا يريدون أي شيء ويريدون كل شيء في الوقت نفسه، وهمهم أن يفسروه بما يخدم زيادة مالهم في تحقيق رغباتهم السريعة·
 
كان في كثير من المرات يشكو من أناس يريدونه فقط للاستمناء، يريدون أن يضاجعوا نساء الملصقات والمغنيات التافهات، كانوا يمارسون غباءهم في لحظته، قال له إنه يشعر بالحزن لأنهم ينظرون ويستغلون مساحته التي يحاول أن يتقاسمها معهم·
 
وصف له كل المواقف التي سببت له الهرب والاختفاء، قال له أيضا بأنه يختبىء في أجساد الأطفال وحين يعطش يشرب من حليب أمهاتهم، وحين يلعبون يضحك معهم، وحين ينامون ينام وفي غياب النوم يشترك معهم في ألعابهم مع الملائكة، قال له بأن الملائكة يشبهون الحرير حين لا يختلط بالأجساد، يشبهون النسمة الحائرة، لا يعرفون الاتجاهات إلا من خلال الناي والريح، يحبون الموسيقى، يصغون إلى صوت القيثارة وهي تبدل النغمات كأنها تدفق نهر يتبعثر بالحجارة هنا وهناك·

الصفحات