رواية "مدينة لا تخرج من البيت" الصادرة عن «المؤسسة العربية للدراسات والنشر» لللكاتب والتشكيلي الفلسطيني محمد السمهوري، هي رواية تقترب من الفانتازيا لتتحدث عن بُعدين تاريخي ورمزي، حيث يحكي الكاتب قصة مدينة يقرر زعيمها حشرها في البيت، ليتناول فيها الأحداث ببع
أنت هنا
قراءة كتاب مدينة لا تخرج من البيت
تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"
اللغة: العربية
الصفحة رقم: 10
5
تعرف ذات يوم على امرأة كانت تتلقى رسائل من زوجها المسافر، كانت تعتبر أن الرسالة منه أفضل من أن يأتيها في الحلم، تمسد على الكلام كأنها تمسد على ظهره وهي تعانقه، كان للدموع معنى خاص في رسائله، وللفراق أيضا، خطوط كلامه تشبه ارتباكات طفل تركته أمه للحظات، كانت تحمل رسائله وتمشي بها متنقلة في البيت لكي يرى مكانه ويطمئن على ملامحه وتفاصيله في البيت، كانت تتحدث مع رسائله، تبلغه أخبار أبنائه، وجيرانه الذين يسألون عنه·
غاب عنه بعد ذلك اليوم ولم يعرف له طريقاً، كان مشغولاً عليه، ويفكر في تلك المرأة التي حدثه عنها·
حلم أنه يسحب وجع الخسارة من ركبتها، تلك المرأة التي عاشت حياتها جاثمة تمسد عشبها صباح ومساء كل يوم·
بعد أن رحل عنها رجلها، وبقيت صورته معلقة في البال·
كانت تحلم بينها وبين غيابه، تصف له مفاتنها، تفاصيل شهوتها، تغريه بتأوهاتها المخنوقة، تنتحب بصمت، وهي تستحم بلزوجتها، وتعد حبيبات القشعريرة المنثورة على جسدها كأنها تقويم أيامها/ لذتها·
عاد بعدها، كان في حال مزرية، كان كثير البكاء، يلبس ثوبا أبيض، جسده ناحل ومترهل، وصوته مبحوح، شاهده ولم يقوَ على سؤاله، أين غاب وما سبب هذا التردي الذي بلغته حالته النفسية، بقيت ثيابه تنزف حزناً زمنيا، سأله، لم يجبه، وظل صامتا·
حينها رأى أباه بملامحه الطيبة، يأتي من بعيد بثيابه البيض الأخيرة، هو أيضا يمشي إلى البعيد· ينظر إليه كأنه يقول له : إذا انتظرت هنا ستبقى الغريب/القريب·
جادله وطلب منه بأن يأخذ سكينه معه·
أقول له : لا يا أبتي، لا لست أنا الضحية، ولن أكون القربان الذي ينجو في المشهد الأخير من التعبير عن دقة الاختبار بينك وبينك·