رواية " والهمس لا يتوقف أبداً "، صدرت عن المؤسسة العربية للدراسات والنشر، للكاتبة الأردنية الدكتورة ليلى نعيم، تحكي الجانب الإنساني الفلسفي حيث اعتمدت فيها على أساطير الإغريق. نقرأ من هذه الرواية:
أنت هنا
قراءة كتاب والهمس لا يتوقف ابدا
تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"
اللغة: العربية
والهمس لا يتوقف ابدا
الصفحة رقم: 3
الساعة هي الخامسة صباحاً· الغرفة الصغيرة بذلك الطلاء الأبيض ما زالت على حالها· النافذة مشعة بإطارها الأزرق· مشرعة الضفتين، الآن كما في السابق، والستارة البيضاء الصغيرة المطرزة بخيوط حرير من ذات لونها تتلاعب وسط فضاء الإطار، تخرج بعيداً كأنها تحاول معانقة السماء ثم تعود لتستقر بوقفة مستقيمة لا تلبث أن تعاود شقاوتها في الرقص عالياً في سماء الغرفة· حوار لعبة غريب! حوار راقص مع يوم مشرق وسط هدوء هذا الدير· تحركت قدمي اليمنى مع هذا الرقص المتلاعب، لتستقر على أرض بطونية ملساء لامعة، سرت برودتها كالسهم عبر جسدي المختزن دفء النوم، لتفتح أقفال ذهني المنحاز إلى مخدتي التي جئت بها معي، كعادتي في كل أسفاري· لحقت قدمي الأخرى بالأولى، ومشتا بخفة إلى تلك النافذة لتوصلا الأذرع كي تحتضنا الستارة الراقصة اللعوب، شديدة النقاء·لم أكن لأعرف في تلك اللحظة، بأن علاقتي الصباحية مع هذه النافذة ستطول، وبأن رقص الستارة هذه، سوف يتلبس إيحاءات شديدة الاختلاف عن هذه التي حملتها لي تلك اللحظة· لم أع الزمن الذي مضى على وقفتي هذه؟ البحر هناك في الأسفل أزرق حتى السواد، مستأثراً كعادته بمساحة الكون إلاّ من هذا الجانب من الرؤية: خيط لعالم يبدأ بخليط من زهر العطرة والياسمين وشجيرات حبق صغيرة، تداخلت جميعها مع حافة النافذة، لتسيّر الرؤية بعدها في اتجاه الأسفل، عبر طرقات متعرجة حيناً، ولولبية في حين آخر،مارة بأشجار التين والكرمة والصنوبر والزيتون والعشب اليابس وبعض أكوام العليق، تقترب من نهايتها إلى شريط نضر الخضرة لبيارات الليمون والبرتقال، مخلفة وراءها بعض البيوت الصغيرة البيضاء المتناثرة، وعدد أقل من الفلل الجديدة الثرية بقرميدها الأحمر· أسرعت خطاي البصرية وتاهت لبرهة بين هنا وهناك لتتوقف فجأة، وتلتحم مع منزل، أو بقايا منزل، اشتدت حجارته الضخمة القديمة في تماسكها مع الأرض وجذع شجرة توت ضخمة، بدت كأنها سبقت هذه الحجارة في قدمها·
هنا تبدّت الأشياء، وهنا وقفت هي وسط كومة من حجارة، لتعلن نهاية طريق حياة· فمن هنا سوف تأخذها خطوتها التالية الى بداية طريق جديدة خلف أسوار بوابة الموت
متى قرأت هذا ؟