رواية " والهمس لا يتوقف أبداً "، صدرت عن المؤسسة العربية للدراسات والنشر، للكاتبة الأردنية الدكتورة ليلى نعيم، تحكي الجانب الإنساني الفلسفي حيث اعتمدت فيها على أساطير الإغريق. نقرأ من هذه الرواية:
أنت هنا
قراءة كتاب والهمس لا يتوقف ابدا
تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"
اللغة: العربية
والهمس لا يتوقف ابدا
الصفحة رقم: 5
- إيه ·· شو ما بدك تختيري مثلي؟
قالتها العنكبوت الحنون واستمرت تنظر إلي بحب وإعجاب كما في السابق·
- كيفها دنيا الحلوة ؟
وأخذت يدها تنخفض إلى داخل سلتها لتخرج ذلك الكيس، بينما بقيت عيناها مسمرة علي· تابعت كلامها دون أن تغير من وضعيتها:
- أكيد كبرت ست الأميرات! لسا عيونها آكلين نص وجها وخدودها حمر؟ أكيد صوابعها طولوا على كمنجتها الصغيرة؟ بربك لسا بتتذكرني؟ ليش ما جبتيها معك؟
فتحت فمي لأسالها عن ·· مريم ·· ولكنني أطبقت على كلماتي، خوفاً من فيضان آخر ربما يجرفنا إلى قاع بحرنا المارد· أخرجت أم مريم علبة حلوى معدنية، كتلك العلب القديمة التي كانت تحتفظ بها جدتي وتودعها الخيطان والأزرار والأوراق الثبوتية والصور، التي حملتها معها في سنة الهجرة الأولى من فلسطين·
كم كنت أحب تلك العلب وأتهيأ بكامل الانفعال عندما أرى جدتي تهم بفتح احداها، كأنني أتهيأ لدخول بوابة قلاع أحدى الأساطير الكثيرة التي كانت تحكيها لنا، نحن الأطفال، بعد العشاءْ وبعد أن نكون قد استوفينا كل الشروط من غسل ولبس ثياب النوم وتنظيف وتلميع أحذيتنا وتفريشة أسناننا الصغيرة·
- بربك يا ست أم دنيا، هيدي مش كأنها دنيا ؟
حملت العلبة بيدي· صبية سوداء العينين والشعر، بشرة ياسمينية وتجليات تشكيلات وجه متوسطي· إنها دنيا كما رآها رينوار قبلي· لم تكن متطابقات هذه الرسمة ضمن مجموعة جدتي من علب الحلوى التي كانت تشكل مستودع أرشيفها، لكني كنت أرى هذه العلبة مزروعة على الرفوف الخشبية بسيطة الصنع في محلات السمانة· لم أكن لأعرف في ذاك العمر، بأن إعجابي الشديد هذا سيجعل ابنتي تصبح يوما صورة حية عنها· وسأعرف فيما بعد، بأن من رسمها، أو نقلها عن الواقع، هو أحد أشهر الرسامين في تاريخ البشرية، وبأن مسار حياتي سيأخذني بعيداً عن هذه البلدة الصغيرة، ويختار لي أوسع المدن وأثراها متاحفاً ومكتبات ومصانع والعديد أيضا من العنف· جاءني صوت أم مريم ليعيدني من قارة أخرى: