قراءة كتاب والهمس لا يتوقف ابدا

تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"

‏اللغة: العربية
والهمس لا يتوقف ابدا

والهمس لا يتوقف ابدا

رواية " والهمس لا يتوقف أبداً "، صدرت عن المؤسسة العربية للدراسات والنشر، للكاتبة الأردنية الدكتورة ليلى نعيم، تحكي الجانب الإنساني الفلسفي حيث اعتمدت فيها على أساطير الإغريق. نقرأ من هذه الرواية:

تقييمك:
0
لا توجد اصوات
المؤلف:
الصفحة رقم: 6

- ليكي، هيدي العلبة كانت في خزانة الخورية لما أبونا فرغ الخزانة بعد ما 

ربنا أخذ وداعته· لما شفت العلبة، شفت فيها شباب دنيا وطلبت منّه يعطيني هيّه·

دنيا وأنا، أمومة وبنوّة، انصهرتا في جنين واحد· تبادلنا الدورين فيما بيننا، فتعلمت أن أصبح في بعض اللحظات ابنتها، كما كنت في أغلب الأحيان أماً لها· 

أخذتني الذاكرة لزمن بعيد ولكنها أبقتني داخل حدود هذه الغرفة، عندما جئت بها لتمضية بقايا فصل الصيف قبل ربع قرن: كانت هي صغيرة والنافذة أعلى بكثير من مستوى نظرها· كم من مرة سحبت الطاولة الحديدية إيّاها، الزرقاء الطلاء، لأضعها عند حافة النافذة، أجلسها عليها لتنظر هي إلى البحر، أسرد عليها حكايات ساكنيه من خزان خيالي وبقايا حكايات جدتي، وأتركها تشكل تشعبات لهذه القصص على نحو ما تشتهيه· سأكتشف في سنوات عديدة قادمة، بأنّ حرية خيالنا ستكون ملكيتنا الواسعة، التي ستنجو دائما من هجمات أعتى اللصوص، وتبقينا وضمن أحلك الساعات نستوفي القدر الكافي من التفاؤل، لمتابعة حياة خارج حمى الكراهية والإحباط· نسيت وجود أم مريم وشدني هواء البحر الداخل من النافذة، سيداً يأبى الإستئذان· ومع رؤية البحر تذكرت بأننا، ابنتي وأنا، اختلفنا كثيراً في اختيار لغة تعبيرنا: هي اختارت تلك اللغة التي لا يمكن لها ان تحمل احتشادات الإجبار والإكراه والتحايل والمراوغة كالتي أحملها، فالكمان ونغمه من ملاك حر واللغة هي هي، وعاء تسكنه كل شعيرات الكون والتاريخ، مما يفرح الإنسان ويحرره، ولكن أيضا مما يخيفه ويخنقه ويستعبده· 

 تذكرت تصورات نبيل للسيناريو المطلوب وكيف قال لي ببساطة أغضبتني، بأن من سيشق السماء ويرغمها على سماع أصواتنا هو اللحن، وليس الكلمة التي جاءتنا منها· لم تحتمل أم مريم صمتاً وشروداً أكثر، فاستعانت هي بلغتها الحقيقية: لمست كتفي ولمعت عيناها بماء التفهم والحب لتقول بعدها بصوت خافت وعذب:

- وينك حبيبتي!!! هو سيدنا البحر ولا العمر اللي شارد فيك؟ بدي منك ما تفتحي العلبة هلق، لأنه فيها مفاجأة· أنا برأيي تطلعي تقطفي شوية صبر، لأنه العنب قطفته أنا ولا تنسي إنه طاولة الفطور صارت جاهزة· ما تتأخري والبحر ما إنت عرفتيه· البحر ما بيهرب·

الصفحات