رواية "تحولات" للكاتب الكردي العراقي زهدي الداوودي، نقرأ منها:
أنت هنا
قراءة كتاب تحولات
تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"
اللغة: العربية
تحولات
الصفحة رقم: 1
وجها لوجه مع الموت
لا أدري متى تلاشى شلال النور المنبعث من النافذة، ولا متى اختفت مادلين من هناك، كما ولا أدري أيضا متى استسلمت للنوم· كل ما أتذكره هو خليط من الأحلام، التي كانت تمر عبر النافذة وتصطدم بالجسد الشفاف الذي يلفه الشعر الأسود الذي تارة يتماوج مع الريح وأخرى يلتف حول وجهها الجميل· انتقلت أنا الآخر بصحبة الأحلام إلى ما وراء النافذة· كنت أسير بمحاذاة نهر سيروان، وبعد أن ارتويت من مائه وجدت نفسي أحلق في السماء· قطعت مسافات شاسعة إلى أن وصلت إلى جبل به روخ، المطلة على قصبة الطفولة التي عشنا فيها لحوالى ثلاث سنوات بحكم وظيفة والدي· وجدتها مغطاة بأشجار البلوط، أردت الذهاب إلى بيتنا، ولكنني لم أستطع العثور عليه، إذ كانت الطرق عديدة، متشعبة ووعرة· وانقلبت صفحة الحلم كي تحولني إلى بيتنا، الذي استقررنا فيه بعد إحالة والدي إلى التقاعد· بدا لي مهجورًا· وقبل أن أبدا بالبحث في الغرف، ظهرت أمي وهي تستغرب من وجودي في البيت· بدا الأمر كما لو أن أحدنا هبط من السماء· قالت لي حائرة: كيف أتيت؟ ووالدك؟ هل تركته لوحده؟· استغربت لحماقتي ورحت ألوم نفسي لتركي إياه وحيدا· ولكي أبرر موقفي قلت لها هناك ممرضة جميلة اسمها مادلين، يعرفها والدي وستقوم هي بخدمته· سألت والدتي كما لو أنها تعرف الاسم:
مادلين؟ منذ متى تعمل في المستشفى؟ إنها هنا تساعد أمها·
أردت أن أناقش والدتي وأسألها عمن تقصد بمادلين، وأنها لا شك ملتبسة في الاسم، ولكنني فتحت عيني لسبب ما وعرفت أني أحلم· كان ضوء الشمس التي أشرقت قبل هنيهة يغمر الغرفة، ويسقط على التقويم الذي يؤشر إلى شهر أيلول 1955· نظرت إلى والدي كالعادة حين استيقظ من النوم، فوجدته ينظر إلى السقف بعينين مفتوحتين بشكل غريب· سألته ما إذا كان يحتاج شيئا، كنت أتوقع أنه سيطلب مني سيكارة، ولكنه لم ينطق· كررت سؤالي مداعبا:
بابا، ألا تريد سيكارة؟ أم أنك تركت التدخين؟