كتاب "ذاكرة الطين" - قراءة في دلالات النصّ السياسيّ والثقافيّ في العراق؛ هو إصدار فكري جديد، عن المؤسسة العربية للدراسات والنشر للعام 2013، و إصداره هذا يقرأ تاريخ وحاضر العراق في جميع المراحل التي وصفت بأنها دموية وقد خلفت حزنًا تاريخيًا لا انقطاع له في ا
أنت هنا
قراءة كتاب ذاكرة الطين
تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"
اللغة: العربية
الصفحة رقم: 5
عشرات، بل مئات أو آلاف من العراقيين خلال السنوات الأربعين الماضية أجابوا عن هذا السؤال بأشكال ومضامين مختلفة واستراحوا، وفي كل معرض للكتاب في دمشق، الشارقة، بيروت، أبو ظبي، القاهرة، الكويت، الدوحة، عمّان، بل وفي كل المكتبات العربية المنتشرة في زوايا الشوارع الأوروبية، تصادفني وبشكل لافت عناوين تحمل همّ العلاقة بالعراق، بحسب تجربة الكاتب وعمره وتفاصيل الحدث المقصود أو المحور الذي يدور حوله هذا الهم، ولفرط هول المضامين التي تحملها هذه النتاجات على اختلاف أجناسها فإن القارئ ـ العراقي تحديدا ـ ليس أمامه غير أن يصاب بالغثيان إذا لم نقل الصدمة والانطواء والخوف إلى درجة الندم على أنه ينتمي دون إرادته لهذا الواقع·· منها مثلا: مذكرات الشاعر محمد مهدي الجواهري، ومثلها للدكتور حسين الشهرستاني، (والهرير) الذي يصفه أحمد الحبوبي في قصر النهاية، وكذلك أوراق السيرة الذاتية لعزيز الحاج، وكتابات العلامة الراحل هادي العلوي، وحكايات بلقيس شرارة ورفعت الجادرجي، والأعمال المهمة في تاريخ العراق الثقافي لمحمد سعيد الصكار، قصص وروايات جمعة اللامي، وقصص وروايات فؤاد التكرلي وحسين الموزاني، ثم الكتابات الموجعة لعدنان الصائغ، وطارق حربي ونعيم قطان، وكتابات تنوعت بين السياسي والثقافي والاجتماعي، كالتي صدرت لسعد البزاز ونجيب الصالحي والدكتور علاء بشير وإبراهيم الزبيدي وحسن العلوي وفالح العامري، والعناوين التي حملت إثارة من نوع (كنت شبيها··· وكنت ابنا·· وكنت صديقا·· وو) إلى جانب نصوص مفاجئة ومفتوحة على الحزن العراقي الطويل مثل رواية سليم مطر (امرأة القارورة) و(أصغي إلى رمادي) لحميد العقابي و(حارسة النخيل) لسمية الشيباني و(كم بدت السماء قريبة) لبتول الخضيري، ولا أنسى الكتابات التاريخية ذات الصلة العضوية بالحقيقة العراقية مثل (الأديان والمذاهب بالعراق) للدكتور رشيد خيون·· وإنه من غير الممكن حصر عناوين هذه المكتبة الهائلة التي لم أذكر منها الأعمال الشعرية والسير الذاتية والشهادات، ولكن الذي أقصده مرة أخرى السؤال المحير ما العراق؟ وماذا أكتب عنه؟
كل إنسان على وجه الأرض له كتابه، سواء صدر على شكل ورق (منذ مأساة امريء القيس حتى مأساة المغربية مليكة أوفقير، ومنذ مأساة الملك لير حتى مأساة جان فالجان في البؤساء)، أو بقي محفورا في صدر صاحبه يتناقله الناس شفاهة، أو تناسته الأجيال وتلاشى في فضاء الصحارى، وفي أعماق البحار·· لكل شخص روايته سواء كتبها على شكل حكايةٍ، بتفاصيل أمكنتها وشخوصها، أو تركها للحكواتي يعيد وينقص حسب حماسة اللحظة·