"المثقف والثقافة" إصدار فكري للباحث الأكاديمي الأردني زهير توفيق صادر عن المؤسسة العربية للدراسات والنشر 2013 . و تناول في فصوله الثلاثة موضوعات متنوعة عن الثقافة والمثقف ومفهوم الثقافة الوطنية . في كتابه الجديد يقول الأستاذ زهير توفيق:
أنت هنا
قراءة كتاب المثقف والثقافة
تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"
اللغة: العربية
المثقف والثقافة
الصفحة رقم: 1
مقدمة
تراجع دور المثقف، وتراجعت قيمته المعرفية ومكانته الاعتبارية، مع أهمية الثقافة ودورها في التطور والتغيير، وانعكس تراجعه محلياً وعربياً في انتعاش الهويات الجهوية، والثقافات الفرعية، وتراخي قبضة النخبة على مصيرها، وتدهور العلوم الإنسانية، وازدواجية القيم، وانحطاط الثقافة نفسها، التي أخلت مواقعها عنوة لقطاعات أخرى أكثر فاعلية وتأثيراً في عصر العولمة، كالسياسة والإعلام، الذي تكفل أخيراً بالسيطرة والتنميط· ولم تعد الثقافة قادرة على منح الإنسان المناعة والقيم العليا والتطلعات، فغزته الثقافات الأجنبية، التي انتصرت عليه بقوة خطابها لا بحقيقتها، في زمن تجري فيه عمليات تسليع القيم، وتنميط الأذواق والعقول واختراق الثقافات·
وليس بمقدور المثقف إعادة الاعتبار لذاته وإنسانيته،إلا إذا استطاع إعادة الاعتبار لثقافته الوطنية، وتمسك بها بوصفها ناظماً للقيم المجتمعية والقطاعات الأخرى، واستطاع تخفيف غلواء السياسة، التي اقتحمت الثقافة بالإيديولوجيا، فأفقدتها اتزانها واستقلالها، وأفقرت إنتاجها المعرفي، وجعلتها عرضة للاختراق والانزواء·
لم يعد المثقف رسولاً أو حارساً وحيداً للقيم، ولم يعد بإمكانه الوصاية على أحد، أو تحمُّل أعباء التغيير بمعزل عن الآخرين، لكنه المسؤول الأول عن إنتاج المعاني والرموز،في عصر شهد ويشهد أعمق التغيرات والتبدُّلات، التي مست المثقف ودوره في المجتمع· وعلى المثقف الآن إعادة تعريف ذاته ووظيفته بما يتلاءم مع حقائق العصر،لخلق مساحة شاسعة ومشتركة مع الآخرين، ليكون أكثر فاعلية وتأثيراً في المجتمع، وفي هياكله السياسية والمدنية·
أما إذا استمر الوضع القائم حصاراً وانحساراً للمثقف، فلن يكون هناك إلا ثقافة مجانية، لا تنتج إلا ما هو مستهلك واستهلاكي لمجتمع يسير بلا هدف، ويصوغ حياته وأولوياته بتجريبية بلا مبادئ·
أما هذه الموضوعات، التي وزعتها على ثلاثة فصول، هي: الثقافة، والمثقف، والثقافة الوطنية، فقد أردت منها تأكيد هدفين اثنين، يتعلقان بالرؤية والمنهج· أما رؤيتي فأعيد فيها تأكيد ارتباط الثقافة بالهوية والتغيير، وأما معرفياً، فقد اتبعت منهجاً تحليلياً تاريخياً لمقاربة المفاهيم قيد البحث، التي تتقاطع فيها الأنثروبولوجيا وعلم الاجتماع والفلسفة·
زهير توفيق
30/1/2013 عمان