أنت هنا

قراءة كتاب رؤوس الحرية المكيسة

تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"

‏اللغة: العربية
رؤوس الحرية المكيسة

رؤوس الحرية المكيسة

رواية "رؤوس الحرية المكيّسة" للكاتب العراقي جاسم الرصيف، تتألق بحفر قيمة اللحظة الفاصلة، بين المواطنة الصحيحة للإنسان في بلد حر، والمواطنة المسلوبة في بلد محتل، ليضع على ف أدب المقاومة العربية نجمة إبداع كبيرة مستهلها الإهداء إلى من رفضوا وظيفة مسامير أحذية

تقييمك:
0
لا توجد اصوات
المؤلف:
الصفحة رقم: 9
البدراني
 
مجد (الثالولة) أنها حي من صفيح وطين يحمي خارجين على القانون، بالولادة، والتوارث، منذ (ضايع عبد الموجود)، الذي نال لقب (المؤسس ألآول) وحتى آخر الغرباء الذين دفنتهم البلدية قبل أيام في مقبرة تتسع على كف (وادي الحرامية) وضفاف (مزبلة الشيطان)، في جيرة حميمة تكرر نفسها بقبور جديدة، تحفر أحيانا على قبور درستها مياه ألأمطار وأكوام الزبالة الطازجة على بقايا أكوام زبل نبشتها (أصابع كاشان)، بسخاء ينحدر جنوبا حتى آخر الدنيا عبر البرية المفتوحة على كل التضاريس، وكلمات (السيد الرئيس) وهو يلقي خطابا غاضبا، أشعث الشعر، بنظارة طبية سميكة، يراها الشعب للمرة ألأولى، في اليوم ألأول للحرب: (فداكم وفدى أمتنا المجيدة ألأهل والولد!!)، وأي ولد، يا سيدي، وأي أهل، وأية أمة!! زاغت المفردات عن معانيها منذ زمن بعيد، وأنت لاتدري!! هذا زمن يخادع مقدساته من جراء الجوع و(مكارمك السخية للمقربين)، تمردت فيه الكلمات عن مألوف أيحاءاتها قبل أن تبدأ الحرب، وانت تدري ولاتدري!!·
 
أعداؤك جاءوا مع أدلاء من بني جلدتك، على ذات الجوع وذات المكارم، وكأن التأريخ ينسخ نفسه منذ مئات السنين، وأنت تدري ولاتدري!! كل إمرأة في (الثالولة) نافذة، وكل رجل باب· و (العضباء) التي فقدت (بابها) في حرب مضت، وضعت ولدها الوحيد بابا، قبل ألآوان، وهو هش طري، من جراء الفقر في الحصار، والبعد عن دائرة (المكارم الرئاسية)، وأنت تدري ولاتدري!!· بخمس طلقات سيحارب أعظم قوتين و أنت تدري بأنك تدري!!، يبكي اذا جاع، ويخاف من دم دجاجة!! وحرب ولدت من رحم غيرها، وهذه حرب برائحة النفط جاءت، وأنت تدري، و لاتدري!! وحدها قوانين اللصوص صارت هي القانون، وانت عالق وحدك بما تدري ولاتدري!!·
 
وكما للأحياء التي لم تجع في المدينة خنادق، صار (للثالولة) خندقها المحسوب على الوطن وأنت تدري، ولا تدري!!· يا لأبهتها (الثالولة) وهي تزهو (بفم ضفدع) يسخر من القادمين والذاهبين عنها وعنه!! السلاح مباح في أزقتها لأول مرة مذ تأسست في غفلة عن زمانها وزمان (ألأمة المجيدة)، وأنت تدري، ولا تدري!! لم ينل واحد من أبنائها هدية ولا وساما ولا مكرمة ولا ماء نظيفا ولاكهرباء، ولا شارعا، غير الخروج على القانون، في أجنحة الجوع، في (وادي الحرامية) و (مزبلة الشيطان)، وأنت القائد وحدك لكل الحروب والمكرمات؟!
 
وهاهي الحرب تمر على وجوه المارة كما يمر شحاذ أدمنته ألأرصفة في كل الفصول· وفي شجرة القصف ألأول، تتنامى على (تل الهوى)، تستظل (الثالولة) خوفها من هذه الحرب بمظلة الحروب التي صارت (قديمة!)، محروسة (بسيد فولاذ!!) شرقا و(مئذنة الضغط العالي!!) غربا، ومقبرة الغرباء و (مزبلة الشيطان!!) جنوبا، وجهة الشمال مازالت للأفاعي والعقارب البرية!! وأنت يا سيدي، تدري ولا تدري!!·
 
أعداؤك قادمون من بين بني أمتك، وأنت؟؟!!، وللحرب أبهة شحاذ ألفناه منذ حروب، لاجديد فيه غير زمانه وهو يتسول بين ساقي عاهرة تسميها أنت (أمة) ونسميها إمرأة غريبة الطباع إستمتعت بالإغتصاب فأدمنته!! حتى الشمس، يا سيدي الرئيس، شمس آذار تسرق نفسها من بين الغيوم، التي ما أمطرت، كانها تسخر منا هي ألأخرى!!، على أوصاف طلقت معنيها، منذ بدأ الحصار، في سماء تخلت عنا، ونحن نتظاهر بأننا (لاندري!!)، مثلك، من أجل لقمة طعام وقليل من الحرية غير مكسو بمحرمات (الشيخ بعيو)، وانت تدري، ولاتدري!!·

الصفحات