رواية "رؤوس الحرية المكيّسة" للكاتب العراقي جاسم الرصيف، تتألق بحفر قيمة اللحظة الفاصلة، بين المواطنة الصحيحة للإنسان في بلد حر، والمواطنة المسلوبة في بلد محتل، ليضع على ف أدب المقاومة العربية نجمة إبداع كبيرة مستهلها الإهداء إلى من رفضوا وظيفة مسامير أحذية
أنت هنا
قراءة كتاب رؤوس الحرية المكيسة
تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"
اللغة: العربية
الصفحة رقم: 10
الثالولة
نثار الرشاشة الرباعية، مع موقعها، تجاوز خندق (الثالولة) حتى سفح (تل الهوى)، حيث عثرت جموع الرجال مع قلة من النساء وألأطفال على جثامين ثلاثة جنود تمزقت جثثهم ببشاعة، وأصيب رابع بجراح، حملته ألأيادي العارية بحنان عبر ألأزقة بحثا عن سيارة تنقله الى أقرب المستشفيات·
لملم الرجال أشلاء الجنود على بطانياتهم، وصرفوا النساء الفضوليات وألأطفال خوفا من قصف جديد، وعندما تساءل أحدهم محتجا غاضبا: حتى لم يطلقوا النار!!·
بدا السؤال غبيا على تعليق آخر: إنها الحرب!!·
فتساءل ألأول: ولكن أين (الشيخ بعيو)؟!·
أجاب الثاني: إختفى مع كثير من (الرؤوس الكبيرة) منذ يومين!! يقاتل ألآن مع زوجاته من مكان آخر، وحده الله يعرفه!!·
مسح ألأول الفضاء بكفه ثم قال وهو يطلق ضحكة مبتورة ساخرة: نحن بخير إذن!!·
وكانت (العضباء) تحتضن إبنها على سفح (تل الهوى) وهي تصرخ: يابا!! يابا!!·
كأنها ماعادت تستطيع نطق غير هذه الكلمة، فيما كان هذا يحاول التملص من ذراعها السليمة القوية التي أطبقت بها على ظهره، وهو ينظر بخجل نحو مقاتلي الخندق و الرجال والنساء وألأطفال المحيطين به!!·
طلب (ملاّ حمادي) من الجميع أن يتفرقوا خوفا من غارة أخرى، فتراخت يد (العضباء) عن (زمن) وهي ترى الناس تنصرف عائدة الى بيوتها بعد أن إطمأنت أن (زمن) قادر على الوقوف على قدميه، وأنه لم يصب بغير كدمات وجراح صغيرة من جراء عصف ألإنفجار القريب، ولكنها صرخت به غاضبة وهو يحاول العودة إلى الخندق: إعطهم بندقيتهم!! (بخيرهم ما خيرونا وبشرّهم تذكرونا!!)، إعطهم البندقية، قلت لك!!·
فتلوى (زمن) من ألألم الذي بدأ يشعر به ساكتا، وتدخل (ملاّ حمادي) قائلا لها: توكلي على الله يا أختي!! توكلي على الله!! أنا لست الحكومة، وأنا (عبد مأمور)!! فلا تورطيني، أرجوك!!· لا أستطيع سحب بندقيته أي مقاتل!! ولكن فليأخذها معه، وإذا سألوني عنه سأذكر أنه جريح!!·
-: إعطها إذن (لشيخ قندرة)!!·
صاحت (العضباء) غاضبة·
أجاب واحد من مقاتلي خندق (الثالولة) القريبين منهما: وأين (الشيخ) ألآن يا (أم زمن)؟! ركب (هدايا السيد الرئيس) وإختفى!! لا أحد في قصره ألآن غير حراس ألأثاث، وقد ينكر هؤلاء إستلامهم للبندقية عندما تنتهي الحرب، فيتورط إبنك بأموال الحكومة!!·
عندئذ بكت (العضباء)·