في رواية "عمر بن الخطاب شهيدا"؛ يتطلع الباعة إلى موازينهم جيداً، تعتدل الأسعار ويتجرأ الفقراء، ويحترم الرجال نساءهم، ويختبئ اللصوص والدجالون في أوكارهم، وتزهر غيوم العصافير على الشجر، وتتدفق كتب الأمصار بأخطاء الولاة، فيندفع رجال على خيولهم أو إبلهم لا توقف
أنت هنا
قراءة كتاب عمر بن الخطاب شهيدا
تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"
اللغة: العربية
الصفحة رقم: 5
يحدقُ فيهم بالمسجد وهم رؤوسٌ هادئة وادعة تفكر بخبزها وأطفالها وتعود راضية بلقمتها البسيطة أو بغنائمها الجديدة، وهو يصرخ بهم:
- أقول لكم إنهضوا لقتال الفرس ومساعدة إخوانكم المحاصرين بجحافل الجيوش وأنتم تدورون بأعينكم عني خجلاً أم خوفًا أم طمعًا في هذه العيشة الهائنة التي رضيتم بها؟!
يصمتون ويعودون إلى دورهم وهو يمضي في الطرق· هذا رجلٌ أثقل راحلته بالأشياء فيصرخ به:
- خففْ عن الجمل يا هذا؟ ألا تراه يغوصُ في التراب؟!
- حسنٌ، حسنٌ يا أمير المؤمنين!
يتقدم منه شحاذٌ ملأ كيسه بالأكل:
- حسنة لله يا عمر، فقير إلى مال الله يا أمير المؤمنين!
يأخذُ كيسَه الممتلئ ويبعثرُ الأكلَ الذي فيه، للطير، ويقول:
- الآن تستطيع أن تشحذ!
صارت الأسواقُ ممتلئةً بالبضائع وثمة حشود لا تشبع من شراء القماش واللحم والدقيق وكأن الأكل سوف ينفد· ما بالهم يتهالكون على اللذاتِ والخيرات؟ لا بد أن ثمة أسبابًا عميقة؟ من بقي على حاله؟! قلة قليلة!
يرى ثلةً من الفرسان قادمةً من طريق العراق، وهي تخبُ خببًا، ولا تدل حركتها على نصر أو هزيمة، تقتربُ منه، فيعرفهُ قائدهم الذي يترجلُ فيكتوي قلبه:
- أهذا أنت أيها المثنى الشيباني، لم تأت بك انتصاراتٌ!
تقدم المثنى بهدوءٍ وقال:
- يا أمير المؤمنين أخباري لا تسر الخاطر· لقد حوصرنا من قبل الفرس وانتفض علينا الناس، فتركنا ما فتحناه!
- تعالْ استرح ولنفكر بعد ذلك ماذا نفعل··
قادهم إلى بيتٍ خال· وتركهم يستريحون، فيما كان هو يغلي ماشيًا··