في رواية "عمر بن الخطاب شهيدا"؛ يتطلع الباعة إلى موازينهم جيداً، تعتدل الأسعار ويتجرأ الفقراء، ويحترم الرجال نساءهم، ويختبئ اللصوص والدجالون في أوكارهم، وتزهر غيوم العصافير على الشجر، وتتدفق كتب الأمصار بأخطاء الولاة، فيندفع رجال على خيولهم أو إبلهم لا توقف
أنت هنا
قراءة كتاب عمر بن الخطاب شهيدا
تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"
اللغة: العربية
الصفحة رقم: 6
يمضي إلى مرتفع، يرى نارًا فيدهش، من يعيش هناك؟ يصعد فإذا خيمة وثمة أشباحٌ غريبةٌ· يقترب فيرى امرأة تطبخ والدخان يتدفق من تحت القدر، وصياحٌ يعلو من الخيمة· يقفُ غير بعيد، لا يريد أن يزعجَ المرأةَ في طبخها، لكن الصراخ لا ينقطع، والمرأةُ مستمرةٌ في هذا الطبخ المتعب، والأكلُ لا ينضج، والصراخُ راح يدوي في روحهِ، وكأن الأطفالَ راحوا يمزقون جلدَهُ بأظافرهم، اندفعَ إلى المرأة محييًا، ثم قال:
- ما بال هذا الصراخ يا امرأة لا ينقطع؟ ألا تطعمينهم ليناموا!
تطلعت فيه المرأةُ بلا اهتمام وقالت:
- كيف جئت إليَّ يا هذا؟ و لماذا تقحمُ نفسك في شأني!
- إنني لا أستطيع أن أسمع بكاء الأطفال دون أن أتدخل!
- لو كان الخليفة مثلك!
- وما دخل الخليفة في هذا الشأن؟
- إنه ولي أمر المسلمين ويتركنا في هذا الجوع والبرد!
- إنه لا يدري!!
- ولماذا صار خليفةً إذن؟!
- سوف أحضرُ لك شيئًا للأكل··
ونزل وكأنه يتدحرج، قذفتْ به الأسئلةُ خطوات إلى الأمام دون أن يتبين موقعه: (كيف أستطيع أن أعرف شؤون كل هؤلاء الناس؟ من يموت جوعًا الآن في اليمن؟ من يُضربُ عسفًا في عُمان؟ كيف لي أن أحيطَ بكل هذا الألمِ والفقرِ والعذاب؟ هل أكون وحدي لأنقذ كل هؤلاء الناس؟ هذه امرأةٌ على مرمى حجرٍ من بيتي ولكن أطفالها يصرخون من الجوع؟! هل صُمت آذانك يا عمر أم انقطع نظرك! كلُ حادثةٍ لا بد أن تغذي حسك واهتمامك وتجعل لك ألف عين وألف أذن فتصيخُ لكلِ نأمةِ ألمٍ، بدلاً من غفواتك المستمرة···!)·
وصل إلى المخزن ورأى أسلم يكاد ينام، قال له برفق:
- أصح يا أسلم وأحضر دقيقًا وفاكهةً وقماشًا··