في هذا الكتاب "ليلى خالد أيقونة التحرر الفلسطيني" الذي صدر عن المؤسسة العربية للدراسات والنشر تعيد سارة إرفنج اكتشاف الصورة الأيقونية للفتاة الفلسطينية المتشحة بالكوفية وهي تستند على بندقيتها متحاشية النظر إلى المصورين، وهي الصورة التي سادت وسائل الإعلام ال
أنت هنا
قراءة كتاب ليلى خالد - أيقونة التحرر الفلسطيني
تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"
اللغة: العربية

ليلى خالد - أيقونة التحرر الفلسطيني
الصفحة رقم: 8
تحمل ليلى خالد ذكريات جميلة عن طفولتها الأولى في حيفا، برغم تصاعد التوتر بين الفلسطينيين واليهود في تلك الفترة، وتشير ليلى في مذكراتها التي نُشرت عام 1973 إلى أنها كانت تعيش وسط عائلة متحررة نوعاً ما، تربطها علاقات جيدة بجيرانها في الحي اليهودي في حيفا، كما تذكر صداقتها مع طفلة يهودية في مثل عمرها آنذاك تدعى تمارا، وتقول إن علاقتها مع تمارا ظلت طيبة حتى التاسع والعشرين من نوفمبر عام 1947، عندما أقرت الأمم المتحدة قرار تقسيم فلسطين بين العرب الفلسطينيين واليهود، وتضيف ليلى كان قرار التقسيم نقطة مفصلية في علاقتي بتمارا، إذ منحتها الأمم المتحدة 56% من أرضي، وكان من المفترض بي أن أقبل بذلك وأهنئتماراوشعبها(20)
غادرت عائلة ليلى مدينة حيفا عندما كانت في الرابعة من عمرها، ولذلك فإن ذكرياتها عن حيفا تبدو غامضة ومشوشة أحياناً، يزيدها تشويشاً ذكريات ما بعد الهجرة من حيفا، وتقول ليلى: لقد كنت صغيرة جداً، لكنني أذكر بعض الأشياء المتفرقة، كان هناك درج في البيت نختبئ تحته عندما نسمع أصوات الاشتباكات في الشارع، وأذكر أنه كان درجاً خشبياً مزخرف الحواف، وفي إحدى المرات انقطعت الكهرباء عن البيت، وجاء أحد أقرباءنا من الخارج وأخبر أمي أن هناك حظراً للتجول في الخارج، وأخذت أتساءل في نفسي، ترى ما هو حظر التجول؟ ظننت وقتها أن انقطاع الكهرباء هو حظر التجول، وأخذت أردد الكلمة بطريقتي الطفولية وجميع من في المنزل يضحكون عليّ، وتضيف ليلى: ما زلت أذكر أننا كنا خائفين معظم الوقت وخاصة في غياب والدي، إذ كان يغيب عن المنزل كثيراً، وأحياناً أسمعه يأتي متأخراً في الليل ويبقى مدة قصيرة في المنزل ثم يخرج ثانية
يعتبر الفلسطينيون يوم التاسع من إبريل، وهو تاريخ ميلاد ليلى خالد، يوماً مخصصاً للحداد على شهداء الشعب الفلسطيني الذين قضوا في مذبحة دير ياسين، فقد ذبحت قوات عصابات أرغن وشتيرن أكثر من مائة شخص من سكان قرية دير ياسين البالغ عددهم 750 شخصاً آنذاك، في مجزرة مخيفة ستظل لطخة عار في تاريخدولةإسرائيل(21)وتذكر ليلى خالد في مذكراتها التي نُشرت عام 1973 أنها لم تحتفل بعيد ميلادها قط بعد عام 1948 عندما كانت في الرابعة من عمرها، وتضيف كذلك أنها رأت جثة لشخص ميت لأول مرة في حياتها في 11 إبريل من ذلك العام، وتقول أتذكر إنني كنت مرعوبة جداً، ولكنني لا أذكر إن كانت الجثة لشخص عربي أو يهودي، كلّ ما أذكره سماع صوت انفجار قوي ثم تفجر الدم من معدة ذلك الشخص، وعندها جريت لأختبئ تحت الدرج في منزلنا وبقيت أنظر لجثة ذلك الشخص في الخارج، وأخذت أفكر إن كان أبي سيلاقي المصير ذاته في ذلك اليوم(22)
كانت أم ليلى وأشقاؤها من أوائل السكان الذين غادروا حيفا، فقد استأجرت الأم سيارة في 13 إبريل عام 1948 لتنقل العائلة إلى مدينة صور، حيث يقطن أحد أقاربها، وذلك بعد تواصل القتال في شوارع المدينة لعدة أيام، وقد حضرت السيارة في الوقت المحدد، غير أن رحيل العائلة تأخر ذلك اليوم؛ لأن الأم كانت تحاول إبعاد جثة رجل آخر قُتل أمام منزلها تماماً، وفي النهاية عندما أصبحت الطريق خالية، كان على إحدى أخوات ليلى أن تحملها إلى السيارة رغماً عنها؛ لأنها رفضت الخروج من المنزل وآثرت الاحتماء بالدرج· تقول ليلى: أتذكر مطبخ منزلنا، وأتذكر أنني كنت أحب التمر، وقد أحضر والدي سلة كبيرة مليئة بالتمر يوم رحيلنا، وقالت والدتي إننا ذاهبون إلى لبنان، ولم يكن ذلك بالأمر الغريب، فقد كنا نذهب سنوياً إلى هناك، وعندما انتهى الجميع من ترتيبات الرحيل، بدأت أمي تعد أفراد عائلتها لتكتشف فرداً ناقصاً، كُنت أنا ذلك الفرد، فقد كنت أختبئ تحت درج المنزل إلى جانب سلة التمر التي خفت ألا ترافقنا في رحلتنا إلى بيروت
لقد أنقذت ليلى ببقائها إلى جانب سلة التمر حياة عائلتها، لأن سائق السيارة لم يحتمل التأخير الذي سببه البحث عن ليلى وغادر المكان يحمل عائلة أخرى كانت ترغب في الرحيل عن حيفا، غير أن قنبلة سقطت على السيارة في طريقها إلى الشارع الرئيسي في حيفا، وقُتلت طفلتان كانتا ضمن العائلة المغادرة، وتتذكر ليلى أن جارتهم كانت تقول لأمها: لا تغضبي من ليلى، لقد أنقذت حياتكم جميعاً وفي آخر محاولة لمغادرة حيفا، كانت ليلى أول الراكبين في السيارة، بناءً على أوامر مباشرة من أمها، وتتذكر ليلى بأنها كانت تبكي لأنها رأت أمها تبكي ذلك اليوم وتقول: كان الجميع يبكون يومها على غير العادة عندما كنا نذهب إلى بيروت في السابق، فقد كانت رحلة بيروت سبباً لسعادة الجميع، أما ذلك اليوم فقد كانوا جميعاً يبكون