في هذا الكتاب "ليلى خالد أيقونة التحرر الفلسطيني" الذي صدر عن المؤسسة العربية للدراسات والنشر تعيد سارة إرفنج اكتشاف الصورة الأيقونية للفتاة الفلسطينية المتشحة بالكوفية وهي تستند على بندقيتها متحاشية النظر إلى المصورين، وهي الصورة التي سادت وسائل الإعلام ال
أنت هنا
قراءة كتاب ليلى خالد - أيقونة التحرر الفلسطيني
تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"
اللغة: العربية

ليلى خالد - أيقونة التحرر الفلسطيني
الصفحة رقم: 9
تتذكر ليلى أن والدتها أخبرتها لاحقاً، أن جارتهم اليهودية طلبت منها عدم الرحيل، وعرضت على العائلة الإقامة في بيتها حتى يعود الهدوء إلى المدينة، ولكن في ذلك الوقت كانت أخبار مذبحة دير ياسين تثير الرعب في نفوس الناس وتدفعهم إلى الرحيل، وأعتقد أن الصهاينة كانوا يبثون الكثير من الشائعات التي تبالغ في تصوير المجزرة لبث المزيد من الخوف بين الناس وإجبارهم على الرحيل
لم تستغرق الرحلة من حيفا إلى صور أكثر من ساعتين، وفق ما تذكره ليلى لكنها تقول: كنا محشورين داخل السيارة طوال مدة الرحلة، لكننا رأينا في طريقنا الكثير من اللاجئين يقطعون المسافة سيراً على أقدامهم باتجاه منفاهم الجديد، ولم يرافق والد ليلى عائلته إلى لبنان في تلك الرحلة، فقد تخلف في حيفا لحراسة منزله ومقهاه لحين عودة الهدوء والأمن ومن ثم يدعو عائلته للعودة من جديد، غير أن ذلك كان أملاً بعيد المنـال، فقد استولى الصهاينة على البيت والمقهى في 22 إبريل(23)ولم يبق للرجل شيء، فالتحق بالمقاومة الفلسطينية وأُرسل إلى غزة ثم إلى مصر وبعد هزيمة عام 1948 عاد ليلتحق بعائلته في لبنان·
تستعيد ليلى ذكرى الشهور الأولى لإقامتهم في لبنان قائلة: لا أذكر شيئاً عن تلك الفترة سوى أنني كنت أرافق شقيقاتي نوال وزكية ورحاب إلى مقر وكالة غوث اللاجئين لاستلام نصيبنا من المؤن، وكانت أخواتي يشعرن بالذل في ذلك الموقف، أما أمي فقد كانت دائما غاضبة(24)
قضت ليلى خالد وعائلتها عاماً كاملاً في منفاهم الجديد في مدينة صور اللبنانية، وتذكر ليلى تلك الفترة بالكثير من المرارة كما قالت لإيلين ماكدونالد كان بيت عمي في صور حيث أقمنا محاطاً ببستان من أشجار البرتقال، وكلما جعنا، أنا والأطفال الآخرين في المنزل، كنا نقطف بعض ثمار البرتقال لنأكلها، لكن أمي كانت تضربنا على أيدينا وتوبخنا قائلة بأن تلك الثمار ليست لنا ومن غير المسموح لنا قطفها، وأننا لسنا في فلسطين لنفعل ما نشاء، ومنذ ذلك اليوم لم أعد أطيق أكل البرتقال، وكلما رأيت برتقالاً أشعر بالحزن وأتذكر برتقالنا في حيفا الذي استولى عليه الآخرون(25)
تعترف ليلى خالد بأن وضع عائلتها حينها كان أفضل بكثير من أوضاع اللاجئين الفلسطينيين الآخرين، فقد كان للعائلة أقارب في صور استضافوها بعد خروجها من حيفا، بينما اضطر أغلب الفلسطينيين إلى اللجوء إلى مخيمات وكالة غوث اللاجئين الأونروا، حيث لاقوا صنوف المذلة والهوان، ومع ذلك، ظلت تجربة اللجوء مريرة بالنسبة لليلى، مقارنة بسنوات حياتها الأولى في حيفا، وقد كانت تلك التجربة الدافع الأول وراء توجهها نحو العمل السياسي في عمر مبكر·
تقول ليلى: كانت حياتنا في المنزل تعيسةً، وكلما طلبنا شيئاً من والدتنا كنا نجابه بالرفض مصحوباً بالتفسير ذاته، نحن لسنا في فلسطين، كل الحرمان الذي عشناه كان يرجع إلى سبب واحد، نحن لسنا في فلسطين· عندما كبرنا بدأنا نعي أننا بالفعل لن نحصل على أي شيء ما دمنا خارج فلسطين، وهكذا فقد بدأت فكرة العودة إلى المنزل قبل أي مكان آخر لأنها ببساطة كانت الإجابة على جميع مطالبنا، وأخذنا نفكر فيما حدث للفلسطينيين، كيف، ولماذا، ومن المسؤول؟ أحياناً كان الناس يتهموننا بالتقصير والجبن، وأننا تركنا بلادنا خوفاً، وكانت هناك إشاعات حول فلسطينيين باعوا أرضهم لليهود، وقد كان كل ذلك مهيناً جداً بالنسبة لنا
تشير ليلى بأن تهمة بيع الفلسطينيين أراضيهم لليهود ظلت تلاحق اللاجئين سنوات طويلة، وفي عام 1982 خلال الاجتياح الإسرائيلي للبنان، كانت ليلى تعمل من خلال الإتحاد العام للمرأة الفلسطينية؛ لإيجاد مساكن ملائمة وبعض الإمدادات العاجلة للنازحين اللبنانيين، الذين هربوا من بيروت خوفاً من القصف الإسرائيلي، وتتذكر أنها دخلت إلى أحد المباني في بيروت، حيث سمعت حوار سيدتين داخل المبنى بينما كنت أحاول إيجاد مأوى لبعض النازحين في إحدى العمارات السكنية في بيروت سمعت سيدة تقول لأخرى: هل فهمت الآن لماذا تركنا بيوتنا في فلسطين؟ وعندما اقتربت، وجدت السيدتين تجلسان على الأرض وحولهما أطفالهما، كانت إحداهما فلسطينية بينما الأخرى لبنانية، وعندما سألت الفلسطينية عما كانت تقول أخبرتني بأن السيدة الأخرى كانت دائماً تُعير الفلسطينيين بأنهم باعوا بلادهم وتركوها، ولذلك فالفلسطينيين يستحقون ما حدث لهم، وكنا نشعر بالذنب من كثرة ما ترددت تلك الأقوال، وكنا أحياناً نؤنب أنفسنا بشدة ونقول ربما كنا مذنبين لأننا هربنا من بلادنا