رواية (الصندوق الأسود) للكاتبة العراقية كليزار أنور، عن المؤسسة العربية للدراسات والنشر. وهي الإصدار الرابع للمؤلفة بعد مجموعتيها القصصيتين (بئر البنفسج/ 1999) و(عنقود الكهرمان/2006) ورواية (عجلة النار/2003).
أنت هنا
قراءة كتاب الصندوق الأسود
تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"
اللغة: العربية
الصندوق الأسود
الصفحة رقم: 1
(1)
ست عشرة امرأة متفاوتات الأعمار·· سوريات وعراقيات·· مخطوفات النظرة، والخوف من أن تفشل العملية·· جاءوا بقلوب ملؤها الرجاء في أن تتكور بطونهن حالمات بشيء يَكبر بين أحشائهن· ويبقى الأمل·· قارة نتمنى أن تطأها أقدامنا·
ست عشرة امرأة توزعن بين غرف المشفى الأنيق·· في صالتنا ثمانية أَسرّة، على كل سرير تقطن حكاية امرأة كل حلمها أن تكونَ أُماً ذات يوم، فيهنَّ مَن تزوَّجن قبل خمسة عشر عاماً أو أكثر أو أقل، وما لجأن لآخر مرحلة إلاّ بعد أن نفدت كل سبل العلاج الطبيعي·
صباحاً أمطرت·· بدأ رذاذاً متقطعاً، ثم انهمر وابلاً وبوشوشة ملأت زوايا المكان والقلوب· استبشرنَ خيراً، فالمطر خير·· نقر قطرات المطر وقّع نغماً جميلاً على زجاج النوافذ·· بينَ برهة وأخرى تفتح إحداهن الحاجز الزجاجي وتتنفس بعمق ملءَ نفسها الهواء العذب وكأنهنّ يملأن صدرهن به، فللأرض عطر خاص ينبثق لحظة استحمامها بالمطر·
الانتظار ممل قضينا عليه بالأحاديث الجانبية، وربما التافهة·· وبعضهن سردن حكاياتهن منذ ليلة زفافهن إلى ما وصلت إليه اليوم في هذه الصالة: (إسراء) امرأة متزوجة منذ تسع سنين ترتدي العباءة المحلية، ولم تخلعها رغم أننا كلنا نساء من حولها·· جاءت من مدينة (الكوت) وسط العراق بصحبة زوجها الذي هددها إن لم تحمل بعد هذه العملية، فسيتزوج عليها بامرأة أخرى· تعيش مع أهل زوجها· تسع سنوات من القهر والذل والمهانة·· قالت لنا: كل يوم يذكروني بجدبي، وكأنه فيتامين أتناوله مع طعام الفطور والغداء والعشاء· لا أعرف كيف يفكر الناس، فالعقم قدرٌ من الله لم يستثنِ حتى الأنبياء منه· يهب لمن يشاء ذكوراً، ويهب لمن يشاء إناثاً، ويجعل من يشاء عقيماً المهم أن إسراء استدانت ثمن الرحلة من أهلها وصديقاتها القريبات، لأن زوجها رفض أن يشاركها ولو بجزء قليل من التكلفة· حزنت من كل قلبي على مأساتها ودعوت ربي أن يعطيها ما جاءت من أجله لتستمر -على الأقل- حياتها الزوجية· أما (سوسن) جاءت من مدينة (الأنبار)·· تزوجت مرة ورُزقت بطفلة وطُلِقت وتزوجت للمرة الثانية، لكنها لم تُنجب منه، رغم زواجها قبل سبع سنوات· زوجها يريد طفلاً، وشرطه أن يكون ولداً وليس بنتاً! و(ماري) امرأة سورية من دمشق بيضاء البشرة في الثلاثين من عمرها·