المجموعة القصصية "أقرب بكثير مما تتصور"، للكاتبة بسمة النمري التي تتميز بلغتها وأسلوبها وشاعريتها. في هذه يكتشف القارئ قدرة كبيرة على استخدام الكلمات وتوظيفها ما يؤكد أن الكاتبة تتوفر على الطاقة شعرية كبيرة.
أنت هنا
قراءة كتاب أقرب بكثير مما تتصور
تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"
اللغة: العربية
الصفحة رقم: 1
الصفصاف المنتحب
الماء أنت وأنا النار، أو الماء أنا وأنت هي، فما الفرق؟·· واحدنا يطفيء الآخر، أو الآخر يحيل النبع غمامًا يسوق ضياعه إلى المدى العالي،·· فما الفرق؟··
ما الفرق إن كانت أجراس الريح بيننا تهيل أوجاعها في مسامعنا، أم أنها أخذت تعاند هواء وجودها وكيانها واستسلمتْ للصمت، ما الفرق؟··
ما الفرق بين الحياة والموت؟·· بين الحياة الموت والموت الحياة؟·· بين كلّ شيءٍ ولا شيءٍ، وكلّ شيءٍ إلى العدم، ليغدو عند آخر الطريق هو اللاّشيء نفسه
تعال·· تعال·· الآن تعال، إليكَ ما كتبته عنك، أو عنّي، أهناك فرق؟·· إقرأه وصارحني، ألا تراني مجنونةً حقًّا، أم أنّي فقط أكاد أجنّ، ليس بعد؟··
وتضمّني فأصمت، هنيهةً، ثم نتباعد ونسير· أتوقّف، ألتفتُ إليك، تتعلّق عيناي بعينيك، أرفع أوراقي نحوك·
- ما الفرق؟··، وأنتظر،
- لماذا الآن؟!··، وتحتضن راحتك رأسي، تشدّه إلى صدرك، يدك الأخرى تهدهد كتفي فأهدأ· هنيهة عمرٍ جديدةٍ ثم نعاود السير، أختار الدرب الضيّق المتعرّج الذي يقودنا إليها·
- أتعــــرف اسمهـــا؟ إنهـــا شجــرة الصفصــاف المنتحــب، Weeping Willow
- أعرف··، وتبتسم، تباعد بظهر كفّك أغصانها الليّنة المتدليّة كي نمر بينها·
- أنظر كيف علقتْ أجراس الريح بها
أناولك أوراقي وأنهمك في تحرير خيوط الأجراس التي تشابكت بأوراق الشجرة الدقيقة، تتقافز الأجراس فيسري الرنين خافتًا خجلاً، ثم يتعالى فجأةً ويتدفّق بصخبٍ مرحٍ إلى أن تهدأ وتستقرّ، ويسيطر الصمت من جديد·
- لا ·· لا تقطع أوراقها أرجوك·
- سوف تعلق بها الأجراس مرّةً أخرى·


