كتاب الأمة الوسط:
أنت هنا
قراءة كتاب الأمة الوسط نظرة في تاريخ الخروج السياسي في صدر الإسلام
تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"
اللغة: العربية

الأمة الوسط نظرة في تاريخ الخروج السياسي في صدر الإسلام
الصفحة رقم: 5
أما الايجابية التي اتصف بها المجتمع الإسلامي في عصر الرسالة وما بعده، فمن مظاهرها: الجدية والحركية، ومن أبرز صورها: الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، ومقتضى الايجابية في حياة الأمة أيضا: الدعوة إلى الخير والحق، والعمل المتواصل، والجهاد والتضحية والثبات والأخوة وغيرها من الصفات المأثورة في حياة المسلمين.
أما العزة التي هي سمة المؤمن وشعاره فقد وصف الله سبحانه جيل الصحابة ومن جاء بعدهم من أهل الإيمان بالعلو والعزة، فقال تعالى: {ولا تهنوا ولا تحزنوا وانتم الأعلون إن كنتم مؤمنين}( ).. وقال تعالى: {ولله العزة ولرسوله وللمؤمنين ولكن المنافقين لا يعلمون}( ) . ويؤكد القرآن الكريم أن العزة للمؤمنين مهما تجبر الباطل وأحكمت قوى الطاغوت سيطرتها على الأرض، فالمسلمون أعزة على الكافرين أذلة فيما بينهم، ودينهم وشرعتهم ومنهجهم هو المنهج الرباني الأصيل المهيمن على بقية المناهج والشرائع والأديان والكتب، ولهذه الأمة العزة بين الأمم لأنها أيضا امة الرسالة الخاتمة، وهي خير امة أخرجت للناس مادامت تؤدي رسالتها -هذه- بين الأمم.. وتاريخ امة القران ليس تاريخها السياسي حسب، كما انه ليس تاريخ الدولة الأموية أو العباسية أو دولة المماليك أو الدولة العثمانية أو الصفوية.. إنما هو -دائماً- تاريخ (الأمة الإسلامية) ومعياره الدائم: مدى قيام هذه الأمة برسالتها، هل كانت مؤدية لواجبها في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وترسيخ قواعد الإيمان بالله ؟.. أم إنها متقاعسة عنها، ناكلة عن مقتضياتها ..( ). لقد كانت امة القرآن في عصر الرسالة وما بعده، قائمة بواجبها مؤدية لرسالتها أحسن قيام حتى استطاع الأعداء إضعافها وإبعادها عن رسالتها شيئاً فشيئاً، فظهر الغلو وانتشرت البدع والمستحدثات والأفكار الدخيلة، وتآمر الأعداء على تمزيقها وإسقاطها والتخطيط لإفساد عقيدتها الأصيلة. فكانت المجوسية واليهودية والرومية قد انبتت ما انبتت في جسم الأمة ما يبث السم الزعاف ويولد الفتن والاضطراب، وقد تفاقم هذا الخطر بعد العصر البويهي (في القرن الرابع الهجري وما بعده).
ومن خلال استلهام مميزات وخصائص امة القرآن يأتي دور الأمة الوسط في الوقوف بوجه الغلو والتعصب، وعلاج الطائفية التي تعصف بالمسلمين اليوم، وهنا يأتي دور التصور المعتدل المستمد من تعاليم القران الكريم والسنة المطهرة والتراث الصادق لرجال ذلك العصر من أهل البيت والصحابة وأبنائهم والتابعين لهم بإحسان..

