أنت هنا

قراءة كتاب آخر المطاف سيرة وذكريات

تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"

‏اللغة: العربية
آخر المطاف سيرة وذكريات

آخر المطاف سيرة وذكريات

آخر المطاف

تقييمك:
3
Average: 3 (1 vote)
دار النشر: دار المأمون
الصفحة رقم: 8
وفي العام الدراسي 1947/1948 انتقَلْتُ إلى الفلوجة, وكانت مدينة الفلوجة قبل هذه السنة خالية من مدرسة رسمية لمرحلة المتوسطة أو الثانوية, اذ كانت المدرسة المتوسطة فيها تابعة لجمعية التفيّض في بغداد, وكانت في بغداد مدرستان أهليتان أحدهما سنية وهي مدرسة التفيّض ومدرسة شيعية هي مدرسة الجعفرية. وكان لجمعية التفيّض نشاط خارج بغداد مثل تكريت ولا أدري هل كانت هناك مدارس اخرى في بقية ألوية العراق أم لا؟ فداومت في متوسطة الفلوجة الرسمية و انتقل جميع طلاب التفيّض إليها لأن المدارس الرسمية مجانية ومدارس التفيّض يدفع الطالب اليها اجوراً سنوية.
 
اشترت والدتي بيتاً في أطراف الفلوجة بتسعين ديناراً وذلك لنكون قريبين من أختي التي تزوجت من أحد أقربائنا وهو الشيخ عبد إبراهيم الحردان وكان وكيل عمه الشيخ مشحن الحردان على مقاطعته في منطقة جداول الصقلاوية وكان مسكنه في ريف ناحية الكرمة وكان التيار الكهربائي غير ممتد إلى المنطقة التي نسكن فيها فعرض عليّ أحد الطلبة من معارفي أن أدرس معه في بيته الذي كان التيار الكهربائي يصل إليه, وهو الطالب بدري عويد العاني والده تاجر الدهن المعروف في الفلوجة الحاج عويد العاني, وكان جده من أمه أحد مشايخ الكتاتيب في الرمادي, وهو إبراهيم شهاب, وكانت في الرمادي عدة كتاتيب على رأس كل منها شيخ يسمى (الملا), وكنا ندرس في هذه الكتاتيب قبل أن ندخل المدرسة الابتدائية وكان لهذه الكتاتيب فضل كبير في نشر القراءة والكتابة ومحاربة الامية, وكنت ذا إهتمام فائق في الدراسة وأحظى بإحترام الاساتذه وحبهم لي, وأذكر أن مدرس الرياضيات وهو فلسطيني قد سأل طلاب المدرسة المتوسطة سؤالاً في الرياضيات, وبعد أن تلقى الأجوبة أعلن في الإصطفاف, أن السؤال لم يحله إلا إثنان, أب وابنه, وهما الطالب محمد سلمان, وكان طالباً في الثاني متوسط, وهو مازال حياً في الفلوجة, وعدنان محمد سلمان, وكان مدرس الانكليزية يعفيني من الإمتحان, ولما دخلنا الإمتحان الوزاري النهائي في المرحلة المتوسطة, وكان عددنا أكثر من ثلاثين طالباً, لم ينجح سوى خمسة طلاب, وكنت أنا الأول فيهم, ولما أنهيت المرحلة المتوسطة (الإعدادية), عزمت على التقديم إلى دار المعلمين الإبتدائية وكانت والدتي ترغب في أن أكمل الثانوية, و بعد محاولاتي المتعددة وافقت على تقديمي إلى دار المعلمين الإبتدائية في بغداد, وكانت تقبل حملة شهادة المتوسطة والدراسة فيها ثلاث سنوات, ويتخرج الطالب منها ليكون معلماً, وكانت هي المدرسة الوحيدة في العراق, إضافة إلى مدرسة دار المعلمين الريفية, التي تقبل خريجي المدارس الإبتدائية ومدة الدراسة فيها خمس سنوات, وكان دخولي إلى دار المعلمين الإبتدائية في السنة الدراسية 1949/1950, وبعد هذه السنة افتُتِحَت دار معلمين إبتدائية اُخرى في بعقوبة, وبعد سنوات افتُتِحَت مدارس دور المعلمين الإبتدائية في جميع ألوية العراق وقد أسهمت دار المعلمين بتخّريج جمهرة من قادة الفكر والتعليم في العراق وتضم طلاباً من جميع أنحاء العراق ففيها المسلم العربي السني والشيعي وفيها الكردي والتركماني والمسيحي والصابئي, وكنا نعيش إخوة متحابين متعاونين, ننام في مضاجع سوية, ونأكل على موائد طعام واحدة ونمارس الألعاب الرياضية سوية فقد كانت المدرسة تضم قسماً داخلياً مجاوراً للقسم الدراسي وتقع قرب المقبرة الملكية في منطقة الأعظمية, والآن هي مقر الجامعة الإسلامية, ومازلت ارتبط بعلاقات حميمية مع قسم من الإخوة الطلاب الذين مازالوا أحياء مثل الكاتب والاديب مصطفى صالح كريم من السليمانية, ومنهم من مات مثل الاستاذ فريدون علي امين الأديب الكردي من السليمانية, والدكتور كاصد ياسر الزيدي من الناصرية الاستاذ في جامعة بغداد ومحمد إبراهيم شوكت من الكاظمية ,وكانت دار المعلمين الإبتدائية تضم زمرة من المدرسين الذين أسهموا في تربية طبقات واسعة من المعلمين, أذكر منهم الاستاذ جمال الدين الآلوسي, والاستاذ احمد محمد المهنا مدرس الجغرافية, الذي أسهم مع أحمد سوسه في نشر أطلس العراق, والاستاذ عبد الهادي العمار مؤلف كتب الرياضيات للمدارس الثانوية, والدكتور نعيم صرافة الذي أصبح في ما بعد مدير التعليم الثانوي واستاذاً للتربية في كلية التربية, والدكتور يوسف العطّار استاذ الكيمياء والدكتور حسين الداقوقي مدرس الإجتماع, والاستاذ محمود يوسف المصري الذي أصبح فيما بعد استاذاً في كلية الآداب, وكانت المدرسة تضم قسمين قسم يسمى (المتوسط) وتدّرس فيه مناهج الثانوية بقسميها العلمي والادبي, وقسم الرياضة, الذي يشرف عليه جمهرة من أساتذة الرياضة مثل الأستاذ سالم جسار, والأستاذ نوري عبد الرزاق السامرائي مدرب الكشافة, والاستاذ محمد إسماعيل مدرب كرة القدم, وجلهم قد إنتقل إلى كلية التربية الرياضية فيما بعد, وكان مدير المدرسة الاستاذ ناجي عبد الصاحب الذي تزوج الدكتورة عاتكة الخزرجي, ثم افترقا, وأرسل في بعثة دراسية إلى الخارج, وجاء بعده الدكتور نوري الحافظ, الذي إنتقل فيما بعد إلى كلية التربية جامعة بغداد ليدرس فلسفة التربية.

الصفحات