كتاب "القضاء والقدر في حياتنا" للكاتب والمؤلف د.
أنت هنا
قراءة كتاب القضاء والقدر في حياتنا
تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"
اللغة: العربية
الصفحة رقم: 2
سبب تأليف الكتاب
من يقـرأ السبب يعـرف خـطـر المـوضوع الـذي بين يـديـه ويفـرض على نـفـسه التـأمـل والتأني وإليك بيان ذلك:
حمل إلي ولداي من الكويت إلى الأردن كتابا اسمه "المذهب الحق في القضاء والقدر" لمؤلفه الشيخ الصديق محمد سلامة جبر كما ذكرت قبل قليل؛ وهو كتاب صغير الحجم ولكنه واضح الرأي، وفكرته في القضاء والقدر محددة بصورة كبيرة ومؤثرة.
ألف الشيخ هذا الكتاب عام 90، ثم الف كتابا آخر في القضاء والقدر بعد سنتين وسماه القضاء والقدر عند الأئمة والأعلام؛ والكتاب الثاني لتقوية الأول وتعزيزه.
اجتمع الكتابان عندي وقرأتهما قراءة المشوق، وأعدت قراءتهما بتعلق وحذر ووجدت أن سر حذري وتعلقي بهما هو مخالفتهما أو قل نقضهما لما اطمأننت إليه من أسرار القضاء والقدر، ولما اطمأن إليه خلق ممن صحبتهم أو جادلتهم أو استمعت إليهم، أو قرات لهم.
كنت أرى أن القضاء والقدر هما أمور واعمال وحوادث لا نستطيع التصرف بها، إنها لله فالله يخلق والله يحيي والله يميت والله يرزق ويوسع الرزق أو يضيقه والله يهب ذكورا لمن يشاء أو إناثا لمن يشاء أو يجعل بعض الناس عقيما، والله يبتلي عبده بالمرض ثم يخفف عنه ويمنحه العافية، كل هذه الأمور فيما كنت أظن وأمثالها هي القضاء والقدر، وكنت أعلم أن الله تعالى أمر الملائكة أن تكتب ما يصيب كل إنسان من خير أو شر قبل خلق الناس بألوف السنين وقد كتبت، وإن الله تعالى يعلم ما يفعل عباده من خير أو شر قبل ان يخلقهم ولم يجبر أحدا على فعله، بل علمه وأذن به؛ لكن هل هذه الرؤية هي التي يقول بها الشيخ؟ لا ليست هذه الـرؤية عنـد الشـيخ الصـديق ولا يـوافـق عليها بحـال، ويـرى أنها تقـرب للكفـر، قال الشيخ: [الإيمان بالقدر خيره وشره هو الركن السادس من أركان الإيمان ومن أنكره فقد كفر، ومن تأوله على غير وجهه الصحيح فقد ابتدع في دين الله ما ليس فيه]( ) ، وقد استند إلى طائفة كبيرة من العلماء تقول كما يقول.
ما الوجه الصحيح لديه؟ لا بد من معرفة الوجه الصحيح الذي يراه الشيخ حتى لا نقع في البدعة، ولا نتأول الوجه الذي يراه حقا، فنقع في الكفر.
يقول: [إذا خلق الله خلقا للنار ويسرهم لعمل أهل النار فبعدله اللائق بجلاله والمناسب لذاته المنزهة المقدسة عن الشبيه والمثيل، وإذا خلق الله سبحانه وتعالى بفضله خلقا وأدخلهم في رحمته فبمحض جوده وفضله يسرهم لعمل أهل جنته، ولو كشف عنا الغطاء لعلمنا أسرار الإختصاص والتمييز في هذا المنع والعطاء] ( ). فالله خلق والله يسر، وليس لإرادة الإنسان نصيب.
واستدل الشيخ بخطبة لعمر بن الخطاب في الجابية قرب دمشق قال فيها: [إن الله خلق أهل الجنة وما هم عاملون وخلق أهل النار وما هم عاملون]( )، أي خلقهم وخلق أعمالهم، وليس لإرادة الأنسان نصيب.
واسـتشـهد الشيخ بآيات عديدة وفسرها وفقا لرؤيته، وهي أن الله تعالى
هو خالق أفعال العباد، ففي الآية (ﮢ ﮣ ﮤ ﮥ ﮦ ﮧ ﮨ ﮩ ﮪ) ( )، ينقل تفسير ابن عباس وهو: لا يطيعه إلا من وفقته لذلك؛ وبالمثل يفسر الآيات الكريمة: (ﯲ ﯳ ﯴ ﯵ ﯶ ﯷ)، وآية (ﭸ ﭹ ﭺ ﭻ ﭼ ﭽ ﭾ)، وآية (ﮅ ﮆ ﮇ ﮈ ﮉ ﮊ ﮋ ﮌ)، وآية (ﯮ ﯯ ﯰ ﯱ ﯲ ﯳ)، وآية (ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗ ﭘ ﭙ) ، كلها تدل على أن الإنسـان فاقد الإرادة والإختيار فيما يرى الشيخ الصديق وطائفة من أهل الرأي معه.
واسـتشـهد أيضـا بعدة أحاديث شريفة منها قوله : "من كان من أهل السـعادة فـسيصير إلى عمل أهل السـعادة ومن كان من أهل الشـقاوة فـسيصير إلى عمل أهل اهل الشـقاوة اعملوا فكل ميسـر"
فـالآيـات والأحــاديث كمـا فهمـها الشيخ تشير إلى أن الإنسـان لم يبتدع أعماله ولم يوجـد أفعـاله، بل خلقـها الله تعالى كمـا خلقـه وأوجـده كمـا أوجـده، وليـس لإرادة الإنسـان نصيب؛
وانتـقل الشيخ بعد ذلك إلى آراء العلمــاء الـذين يقـولون بخلـق الله تعـالى أفعـال العبـاد، ويقـولون أن ليـس للإرادة الإنسـان نصيب في أفعـاله؛ أي ليس له حرية اختيـار أفعالـه، لأن افعـاله مخلـوقة كمـا خلق رأسـه ووجهـه ويـديه وقلبـه ومعـدتـه وسـائر اعـضـائه.