أنت هنا

قراءة كتاب القضاء والقدر في حياتنا

تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"

‏اللغة: العربية
القضاء والقدر في حياتنا

القضاء والقدر في حياتنا

كتاب "القضاء والقدر في حياتنا" للكاتب والمؤلف د.

تقييمك:
0
لا توجد اصوات
دار النشر: دار المأمون
الصفحة رقم: 5
إنها آراء متضاربة جدا، وإذا قلت فسلك أهل البصرة مسلكه، من هم أهل البصرة؟ هم رواد العلم في ذلك العصر، فليس أهل البصرة مجموعة من الجهلة، لا بل كان فيهم الفقهاء والعلماء والحفظة وأصحاب القراءات ورواة الحديث، وهذه الرواية من معبد الجهني هي من روايات التاريخ، وتدور وقائع الكلام في القدر في صدر الإسلام الأول. فعبد الله بن عمر من الصحابة الصغار، وقد ذكرت روايات أخرى أن عبد الله بن عمر سـئل عن أقوال معبد الجهني فأنكرها عليه وقال: (إذا لقيت أولئك فأخبرهم أني منهم بريء وأنهم مني برءاء والذي نفسي بيـده لو أن لاحدهم مثل أحـد ذهبـا فانفقه في سبيل الله ما قبل الله منه شـيئا حتى يؤمن بالقدر خيره وشره)( ). مـا زالت الـرواية من روايـات التاريخ، ولا نسـتطيع أن نكفر أحـدا بروايـة تاريخيـة، ولو صدقت الرواية التي ذكرت عن ابن عمر لما تباطأ الخليفة عن كف أذاهم ولحاسبهم على الردة التي وقعوا فيها، فإن أحدهم فيما يقول ابن عمر لو أنفق مثل أحـد ذهبا لمـا قبل منه؛ إنها رواية تاريخيـة ولا تصلـح لأن نتبنـاها كعقيـدة إسـلامية؛ ولا تصلـح لأن يأخـذ المـؤمنون بها ولا أن نقيـس عليهـا.
 
جـ -الخـلاف في كتـابي الصحيـح للبخـاري ومسـلم:
 
روى الإمـام مسـلم في كتـابه الصحيـح ثمانيـة عشـر حـديثـا في القـدر، وروى الإمام البخـاري في صحيـحه خمسـة أحاديث في القـدر، ولم يتفقا إلا بعض اتفـاق في حديث واحد هو قوله () كمـا في صحيـح مسـلم: " اللهـم مصـرف القلـوب صـرف قلـوبنا على طـاعتك "، وقوله () كمـا في صحيح البخاري: " لا ومقلب القلـوب " إذن لم تثبـت لـدى العـالميـن تلك الـروايات العديدة في القـدر، ولا اتفـق اطمئنـانهمـا الى عشـرات الـروايات في القـدر، برغـم وجـود الحـديث في القـدر على أشـده في عهـدهمـا، إذ كـانت قـوة المعتـزلة في أوجهـا، وقد اسـتنصـرت ببعض الخلفـاء فأيـدوها، برغم كل ذلك الحـديث أو الجـدال الحـاد في القـدر إلا أن الإمـاميـن المحـدثيـن لم يـذكرا ما تطمئـن به النفـوس في هـذا الموضـوع؛ لأن نفـوسـهما لم تطمئـن لتلك الـروايات الجارفة في القضـاء والقـدر ولا اتفقـا فيمـا بينهمـا على ما رويـاه.
 
إن هـذا يعني أن المسـلمين لم يكن لهم خـط واضـح في القضـاء والقـدر، ولم تكن الـروايـات مجمعـة على شـيء محـدد فيـه، ولم تكن الآراء فيـه اجمـاعية ولا جمـاعيـة، إنـه بحث إسـلامي وفيهـا عـدة آراء، وعلى المسـلم أن يجتهـد إن اسـتطاع أو يسـأل قـدر المسـتطاع من غير أن يـؤدي ذلك إلى تنـاحر أو تصـادم أو تكفيـر أو اتهـام، فإن الآراء الخـلافيـة في بعض القضـايا كثيرة، ولكنه البحث الذي يؤجر صاحبه أصاب أم أخطـأ.

الصفحات