أنت هنا

قراءة كتاب الحصاد الماتع في ندوة اليوم السابع

تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"

‏اللغة: العربية
الحصاد الماتع في ندوة اليوم السابع

الحصاد الماتع في ندوة اليوم السابع

بعد غياب عن متابعة "ندوة اليوم السابع" الثقافية الأسبوعية إصدار مداولاتها النقدية، وقراءات أعضائها للمنتج الأدبي، الذي يكون على مائدتها الأسبوعية في المسرح الوطني الفلسطيني (الحكواتي) في القدس، تعود مع هذا الإصدار إلى إطلاع جمهورها من القراء والمهتمين على ج

تقييمك:
0
لا توجد اصوات
المؤلف:
دار النشر: دار الجندي
الصفحة رقم: 5
ومحمود شقير في كتابه هذا "قالت لنا القدس" ابتعد عن الأسلوب الروائي والقصصي، ولجأ إلى المقالة، وأسلوب المقالة هذا لا يخلو من التأريخ تمامًا مثلما لا يخلو من الأدب، وهذا ديدن الأدباء، فعندما يكتبون حتى المقالة السياسية، فإنها لا تخلو من الأدب.
 
والباحث في تاريخ القدس الحديث لا يمكن أن يقفز عن دور المفكر والمربي المقدسي خليل السكاكيني، الذي عاش في القدس القديمة وخارج أسوارها، وبني بيتًا في حيّ القطمون في القدس الغربية، حيث كان يلتقي كبار الأدباء الفلسطينيين والعرب، ومن خلال يوميات السكاكيني يروي لنا الأديب شقير كيف "تشكلت الجمعيات الإسلامية المسيحية... إلى جانب تشكيل الأحزاب السياسية، وتأسست تجمعات للمرأة الفلسطينية إلى جانب تأسيس النوادي، وإصدار الصحف والمجلات"(ص15)، وكانت الحياة عامرة في القدس منذ بدايات القرن العشرين حيث الحفلات الغنائية والعروض المسرحية ودور السينما.
 
ولا يغيب عن بال الكاتب دور المرأة المقدسية، حتى أنه خصص له عنوانًا "في مديح بنات القدس"، ويذكر أسماء بعض الناشطات منهن مثل: شهندا الدزدار رئيسة جمعية النساء العربيات في القدس، وزليخة الشهابي التي أصبحت فيما بعد رئيسة الإتحاد النسائي في القدس، وسلطانة عبده زوجة خليل السكاكيني، وفاطمة البديري أول مذيعة ومعدة برامج، والشهيدة رجاء أبو عماشة، وحياة المحتسب، ولا أعلم كيف غاب عن الكاتب اسم هند الحسيني مؤسسة دار الطفل العربي.
 
واللافت هو حديث أديبنا عن شبابيك القدس، فالقدس مدينة تاريخية، أبنيتها يطغى عليها فن العمار الإسلامي المُطعم بالفن البيزنطي والفارسي والروماني، فوظيفة الشبابيك "تمرير الهواء إلى داخل البيت، وكذلك أشعة الشمس، أو تمرير شحنة من نور حيثما تكون الشبابيك واقعة في مدى أشعة الشمس" (ص25).
 
وللشبابيك مهمة نضالية أيضًا، منها "سكب الزيت المغلي وإسقاط أصص الورد المليئة بالتراب على جنود الاحتلال الذين يتعقبون شباب الانتفاضة " (ص27).
 
ويتحدث الكاتب عن "ترييف" المدينة ، من خلال هجرة أبناء الريف وأبناء المخيمات إليها، وما يترتب على ذلك من إضعاف الحياة المدينية والاقتصادية، ما أدى إلى هجرات من المدينة، خصوصًا هجرة الفلسطينيين المسيحيين، حيث كان يصل عددهم في العام 1967 إلى اثني عشر ألفًا، والآن عددهم خمسة آلاف فقط (ص39).
 
ويعرج الكاتب على مقاهي القدس التي "تشكل مع النوادي ودور السينما والمكتبات والفنادق والمطاعم مظهرًا من مظاهر النزوع المدني المرافق لنهوض الطبقة الوسطى" (ص42).
 
والمقاهي التي كان يرتادها المثقفون والوجهاء والمتقاعدون، لم تعد قائمة في غالبيتها، مثلما أغلقت دور السينما أيضا، وقد عرفت المقاهي المقدسية "الحكواتي" الذي كان يحكي السير الشعبية القديمة، وهذا ما لم يتطرق إليه الكاتب.
 
ويبدي الكاتب أسفه لعدم ازدهار المؤسسات والأنشطة الثقافية في القدس، ويصفها بأنها في حال لا تسُرّ البال" (ص46)، ويبدي الكاتب حزنه لأن الإبداع الفلسطيني في القدس وعن القدس قليل، ولا يتناسب وحجم المدينة التاريخي الحضاري، هذا الإبداع الذي يجب أن يتواصل وينمو، خصوصًا وأن المدينة تشهد حالة حصار يمنعها من التواصل مع محيطها الفلسطيني وامتدادها العربي، وأن القوانين الإسرائيلية تحد من البناء العربي في المدينة، وتعمل على تهجير مواطنيها الفلسطينيين، إضافة إلى تشتيت العائلات كما هو حال الشعب الفلسطيني. وهذا الكتاب بنصوص ويوميات وشهادات مؤلفه يشكل إضافة نوعية للمكتبة الفلسطينية والعربية عن مدينة تضرب جذورها في التاريخ، وتأبى أن تكون إلا عربية.

الصفحات