رواية (حواء في دبي) الصادرة عن دار الجندي للنشر والتوزيع المقدسية، للكاتب المقدسي سمير الجندي، جاءت بغلاف أنيق عبارة عن بورتريت للفنان الفلسطيني اسماعيل شموط وهي بمثابة رصد اجتماعي لجوانب اجتماعية في الوطن العربي وبعض الوقائع السياسية. نقرأ من أجوائها:
أنت هنا
قراءة كتاب حواء في دبي
تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"
اللغة: العربية
الصفحة رقم: 2
قلت: لا، ولكنك أول وجه جميل أقابله، وخير ما استفتح به نهاري، ابتسمت حياءً وأطرقت برأسها، لم نتبادل غير تلك الكلمات، وأرقام مجردة لهاتفها النقال، وافترقنا كل في طريق؛ هي في مقعد خلفي وأنا في مقعد رجال الأعمال الأمامية، لم أرها بعد هذه اللحظة افترقنا، وكأنني في حلم جميل انتهى لحظة دخولنا الطائرة...
الساعة الواحدة بعد منتصف الليل، بدلت ملابسي ببطء ممل من شدة تعب يوم طويل، أخرجت كل ما في جيوبي، فالتقت يدي بقصاصة ورق كدت ارمي بها في سلة المهملات القابعة في زاوية الغرفة لولا أني تذكرت مصدرها، فتّحتها فإذا برقم هاتفها مستسلما في حضن الورقة الصفراء، مررت على الرقم متفحصا، انتابتني رعشة وإحساس غريبين، ثمة ألفة بيني وبين الأرقام العشرة، تناولت هاتفي وطبعت أرقامها بحركة كأنها لا إرادية، سكتت الدنيا مرة واحدة وأنا انتظر صوتها في الطرف الآخر، لم اسمع إلا خفقات قلبي التي ثارت على صمت المكان، وفقدت الأمل عندما طال انتظاري، مرت دقائق خمس قبل أن يرن هاتفي، مرتْ كأنها دهر من الزمن، حسبت قلبي يقفز من بين ضلوعي وأنا أقرأ أًرقامها على شاشة هاتفي النقال، تلبكتُ كطفل تُرك وحده أمام متجر للألعاب، فضغطت بالخطأ على الزر الأحمر، كرهت نفسي لذلك.
لم يكن أمامي سوى إعادة الاتصال على أمل الوصول إليها قبل أن تصلها الخيبة، وبالفعل أعدت الاتصال، فأجابت بأسرع مما توقعت:"مرحباً"
- مرحباً، كيف حالك؟
- لطفا من المتكلم؟
- أنا أحمد.
- من أحمد؟
- ألا تذكرين؟ فقد تقابلنا في المطار هذا الصباح، وكنت تجلسين في طرف القاعة؟ تضعين عباءة سوداء، وتحدثنا قليلا وتبادلنا الأرقام؟
- نعم، نعم، تذكرتك تماما، ولكن ألا تعتقد بأن الوقت متأخر؟
- أجل، ولكن، لي عذري، فقد ترددت قبل أن أتصل بك، بل إنني ترددت كثيرا، لدرجة أنني لم أفكر بشيء غيرك، حتى شعرت أن حياتي ستتوقف عند حافة لقائنا الصباحي الجميل.