رواية (حواء في دبي) الصادرة عن دار الجندي للنشر والتوزيع المقدسية، للكاتب المقدسي سمير الجندي، جاءت بغلاف أنيق عبارة عن بورتريت للفنان الفلسطيني اسماعيل شموط وهي بمثابة رصد اجتماعي لجوانب اجتماعية في الوطن العربي وبعض الوقائع السياسية. نقرأ من أجوائها:
أنت هنا
قراءة كتاب حواء في دبي
تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"
اللغة: العربية
الصفحة رقم: 7
لم يكن ضمن مخططاتي أو أحلامي عندما جئت إلى دبي أول مرة أن تكون لي أي علاقة من أي نوع مع امرأة غريبة، أو حتى تناول المنكرات، فقد نشأت في عائلة محافظة في مدينة القدس، كنت لا أقطع فرضا من فروضي الدينية، أصلي معظم الأوقات في المسجد الأقصى، وأزور أخواتي في جميع المناسبات؛ في العيدين وفي ذكرى الاسراء والمعراج والمولد النبوي الشريف، لكنني اليوم بعد انتقالي للعمل والسكن في دبي، تعرفت على زملاء العمل شاركتهم بعض مناسباتهم، فجاملتهم باشياء لم يكن لي أن أقوم بها في غير هذه المدينة العصرية، واليوم أشعر بارتياح عظيم، بعد أن أنهيت علاقتي الحميمية بكارين، لتبقى علاقة صداقة جميلة، نقية...
مرت أيام ثلاثة، ولم أسمع من سلمى كلمة واحدة، ظننت بأنها ستبادر بالاتصال، لكن ظني خاب عندما لم تتصل، فكان علي البحث عن أكثر من مبرر للمرأة التي أحب؛ ربما ليس لديها الوقت، أو ربما أضاعت رقم هاتفي وهذا احتمال كبير أيضا، ربما رغبت بالاحتفاظ ببربستيجها كامرأة سيدة بكل معنى الكلمة، ولذلك علي أنا المبادرة بالاتصال...
هكذا أخذت أبحث في دهاليز عقلي عن مبرر لعدم اتصالها، وفي نهاية الأمر قررت أن أتصل بها في صباح اليوم التالي...
هي أيضاً كانت تنتظر مبادرته في الاتصال، لكنها لم تبحث له عن مبررات، بنفس الوقت انشغلت بابنتها مريم، التي لا تريد استكمال تعليمها، بل تريد الاعتماد على نفسها في الحياة، مريم فتاة آية بالجمال، طويلة القوام ممتلئة، لها وجه كالبدر، تبلغ من العمر العشرين، فقد ولدتها أمها وكان قد مضى على عمرها خمسة عشر ربيعا، ولذلك فإنه من الصعب القول بان مريم هي ابنة تلك الزهرة النضرة سلمى، سلمى تسكن في "أبو ظبي"، ولكنها تقضي معظم أيام الأسبوع في دبي عند مريم التي تسكن مع أخريات يعملن في "باريس جالري" في مركز تسويق ديرة سيتي سنتر، لم تكن مريم بالفتاة المستقرة، كانت دائمة البحث عن عمل جديد، وهذا سبب قلق والدتها، إنها تبحث عن عمل في شركات كبيرة وفي فنادق الخمسة نجوم، ظنا منها بأن جمالها وحده ممكن أن يكون ورقتها الرابحة في اكتساب وظيفة مهمة.
مريم مفتونة بنفسها، لا تدري والدتها من أدخل في رأسها هذه الأفكار، هي قلقة جدا على ابنتها الوحيدة، والتي خرجت بها من زواج فاشل دام لأكثر من سبعة عشر عاما، حتى أصبحت أثقل حملاً تحمله على كاهلها، مما سبب لها القلق والتعب وعدم الاستقرار النفسي، إنها أمام تحد كبير في تربية وحماية هذه الفتاة المراهقة، فقد أوقعت نفسها في العديد من المشاكل ومنها تلك التي حدثت في مكتب للترجمة والذي وظفها صاحب العمل رغم أنها غير مؤهلة، فوعد بتدريبها على العمل كمساعدة مكتب، قبل بها لجمالها فقط، مستغلا حاجتها للعمل وتحمسها لقبوله، لكنه لم يدربها ولم يعمل على تأهيلها فبقيت على ضعفها، طلب منها نقل إقامتها إلى كفالته، ليزيد من سيطرته عليها، فبدأ يراودها عن نفسها، ويتحرش بها، ويحضر لها الهدايا ويقدم لها المال ويدعوها لأفخم المطاعم حتى استمرأت الحياة، ولما اكتشفت الأم ما آلت إليه ابنتها، وقفت بوجه ابنتها، ومنعتها من هذا العمل، فكرهت البنت أمها واعتبرتها عقبة في طريق سعادتها.