رواية (حواء في دبي) الصادرة عن دار الجندي للنشر والتوزيع المقدسية، للكاتب المقدسي سمير الجندي، جاءت بغلاف أنيق عبارة عن بورتريت للفنان الفلسطيني اسماعيل شموط وهي بمثابة رصد اجتماعي لجوانب اجتماعية في الوطن العربي وبعض الوقائع السياسية. نقرأ من أجوائها:
أنت هنا
قراءة كتاب حواء في دبي
تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"
اللغة: العربية
الصفحة رقم: 4
ما زال طيفها أمامي، يعبث بمخيلتي. تُرى أهو الحب؟ أم هي نزوة من نزوات النفس؟
لم أجد إجابة واضحة على تساؤلي! ولم أترك لنفسي الخوض في تفاصيل مشاعري، فمنذ انفصالي عن زوجتي قبل عشر سنوات لم أجرؤ على الخوض بأي مغامرة من شأنها أن تطيح بحريتي المقدسة، عشر سنوات وأنا حرّ بعيداً عن أي ارتباط وجداني من أي نوع، عشر سنوات ملكت بها نفسي، وترفعت عن كل العذابات، أتحرك كيفما أشاء ومتى أشاء وأين أشاء، عشت حرا طليقا بعيدا عن كل القيود والمنغصات، تخلصت من بوادر المرض، ومن شوائب الماضي الأليم، ومن تسلطهن، وقهرهن، وقسوتهن، عشر سنوات من النقاهة حتى صارت نفسي صافية كالبلور، فما الذي حدث لي هذه المرة؟ أأترك الأمور تسير في مسارها، أأتخلى عن حريتي مرة واحدة وأتبع قلبي؟
لم يكن بالأمر الهين على نفسي أن تحزم أمرها، فعقلي الذي تفادى مخاطر الولوج في علاقة رغم كل المؤثرات الجمالية الأنثوية عبر سنين طويلة، أجده اليوم وقد تراخى، يكاد يتخلى عن إرادته أمام صوتها العذب.
والغريب في الأمر، أن نفسي هي التي تحاول استنهاض عقلي لحثه على التروي والتفكير بروح المقاومة، وتفادي الانشقاق، فلطالما كانت النفس ضحية لقرار العقل في السنوات العشر الماضية، لدرجة أنها عافت العقل في وقت من الأوقات، وتمنت أن يتجمد، أو يتحجر لمدة خمس دقائق كي تستطيع فيها العبث بمقدرات الحياة، فلم يتحقق لها ذلك، أما اليوم فثمة أمر مختلف؛ فما الذي حدث؟ فهل كان سحرها أقوى من إرادة العقل؟ وهل للكيمياء دور في هذا الأمر؟ وهل للمكان تأثير؟ وهل لألوانها الأسود والأبيض والأزرق والكستنائي والأحمر دخل؟ وهل للطبيعة ولكل ما هو مدور حكم؟ فما الذي حدث؟
تساؤلات كثيرة ولا إجابات سوى أنني أرغب برؤية هذه المرأة بشدة، وأتوق لسماع صوتها بقوة، لقد أصبحت منجذبا إليها تجذبني قوة خفية آسرة، أحنّ لذكراها دونما تردد وبتلقائية، أخذت أتصل بها دون تخطيط لما سأقول، سأترك الأمر على عواهنه، وليحدث ما يحدث، فطالما القلب والعقل رضخا للفكرة، فلا شأن للنفس بالأمر.
لم يكن بالأمر الهين أن اطلبها على الهاتف، فقررت إرسال رسالة جس نبض، فكتبت لها كلمة واحدة: (مرحباً)، وانتظرت، لكنني لم أنتظر طويلاً هذه المرة، إذ جاءت الإجابة بكلمة واحدة لا أكثر؛ ( مرحبا)، فهل هي أيضا تستخدم نفس أسلوب جس النبض؟ أيقنت بأنني أمام امرأة ليست عادية، بل حادة الذكاء، مما زاد عندي الشعور بضرورة توخي الحذر، فأنا حريص بأن ابني معها علاقة طويلة الأمد، إذ من الصعب، بل النادر العثور في حياتك على امرأة بهذا القدر من الذكاء والجمال معا، لربما تقابل امرأة آية في الجمال، ولكنك عندما تبدأ معها بحديث فإن جمالها يسقط في بؤس جهلها، فتحاول الهرب من أمامها بأية ذريعة، ولكن هذه المرأة هي كنز يسير على قدمين صغيرتين تحملان جسداً من المرمر، ليست كأي واحدة منهن، فلن أسمح بفقدها، فهي فتاة أحلامي بكل ما تعنيه الكلمة من معنى.