رواية (حواء في دبي) الصادرة عن دار الجندي للنشر والتوزيع المقدسية، للكاتب المقدسي سمير الجندي، جاءت بغلاف أنيق عبارة عن بورتريت للفنان الفلسطيني اسماعيل شموط وهي بمثابة رصد اجتماعي لجوانب اجتماعية في الوطن العربي وبعض الوقائع السياسية. نقرأ من أجوائها:
أنت هنا
قراءة كتاب حواء في دبي
تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"
اللغة: العربية
الصفحة رقم: 6
(2)
بعد قيلولة ذلك اليوم، حملت حاسوبي النقال وذهبت إلى مقهى "لاغوفريت" في "سيتي سنتر ديرة"، اعتدت الجلوس في هذا المقهى لمراقبة الناس ولأخذ جرعة نفسية من الراحة، كان المقهى ممتلئا عن بكرة أبيه، فانتظرت قرابة الربع ساعة قبل أن تتوفر لي طاولة وكرسي للجلوس، طلبت كوبا من "كابوتشينو" فقدمته لي نادلة آسيوية مع ابتسامة عريضة، أخذت أرقب المارة بجانب حافة المقهى، وأتفحص الوجوه والأجساد الرشيقة، ثم أشرب مشروبي الساخن الذي أحبه دون سكر، وأتناول قطعة البسكويت التي تقدم مع المشروب الساخن، وبينما أنا كذلك، إذ بصديقتي القديمة تأتي باتجاهي مسرعة وتطبع على وجنتي قبلتين، جلستْ كعادتي بها، فطلبت لها مشروبها المفضل " ليمون بالنعناع" ...
صديقتي "كارين" من أصل ألماني تعمل سكرتيرة قانونية في مبنى التجارة العالمية، ولكنها لا تشبه الألمان بمظهرها، إلا أن لهجتها الألمانية سمة من سماتها، هي تتحدث اللغة الإنجليزية بطلاقة، تبلغ الخامسة والعشرين من عمرها، ليست طويلة كالألمان؛ طولها بين بين، بيضاء، شعرها خروبي طويل، ووجهها مستدير، مكتنزة الصدر، نحيفة الخصر، خضراء العينين، لطيفة المعشر، مثيرة لدرجة البهجة.
قضيت أنا وكارين طيلة المساء، ذهبنا إلى شقتها خلف المستشفى الأمريكي في بر دبي، جهزتْ بعض المعكرونة مع صلصة اللحمة المفرومة والبنادورة، ثم تناولنا بعض النبيذ ومارسنا الحب كعادتنا، ليس ثمة التزامات من أي نوع بيني وبين كارين، نحن أصدقاء مقربون، ولكننا لسنا عشاقاً كالعاشقين، كنت أحب قضاء الأوقات معها، وأستمتع كثيراً بمضاجعتها بين الفينة والأخرى، لكنني في هذا المساء لم أجد أي شكل من أشكال المتعة برغم إثارتها، فقد كان جسدي هنا فقط، أما عقلي وتركيزي فكانا هناك، مع سلمى المرأة التي ملكت كل ركن من أركاني، وسَبَتْ عقلي ووجداني، ولم تترك أي حيز لسواها، فاستغربت كارين شرود ذهني، لكنها لم تعلق، ولم تقحم نفسها بالسؤال.
استاذنتُ كارين بالمغادرة، فطلبتْ مني المكوث حتى الصباح، اعتذرت عن البقاء بلطف شديد، ولما وجدتني مصمما على الرحيل تمنت لي ليلة سعيدة، وابتسمت ابتسامة من يدرك أمرا ما، فلم اشك بأنها أيقنت بما يجول في فكري وقلبي، فقد كانت من الذكاء بمكان لتدرك بإحساسها حالة العشق التي تعتريني.
سرت على قدمي من شقة كارين إلى بيتي خلف برجمان، عصفت بذهني الأفكار، سرت كالهائم، لم أتنبه إلى نفسي إلا وأنا أمام البيت، كانت المسافة غير كافية لاستكمال تلك الأفكار التي انصبت على علاقتي بسلمى، تلك المرأة التي سلبتني تركيزي في عملي وفي سرير كارين، المرأة التي ملكت كل حواسي بضربة واحدة من عينيها فكانت على ما يبدو هي القاضية.