رواية حارس الأوهام الرمادية؛ للكاتب البحريني جمال الخياط؛ الصادرة عام 2000 عن المؤسسة العربية للدراسات والنشر، نقرأ من أجوائها:
أنا الآن تعب ، ومهموم · هكذا أشعر في هذه اللحظة الخرافية بصدق ·
أنت هنا
قراءة كتاب حارس الأوهام الرمادية
تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"
اللغة: العربية
حارس الأوهام الرمادية
الصفحة رقم: 4
أخر مرة قابلت فيها الصديق كانت منذ أكثر من سنوات عشر ، إذا لم تخني الذاكرة الضعيفة ، كان ذلك اللقاء عند محطة باصات النقل العام التي أصبح لا يركبها إلا الآسيويون وقلة من المواطنين معظمهم من كبار السن · كنت أنوي التوجه إلى المنامة في محاولة للحصول على وظيفة، بينما كان هو ينوي شراء الملابس الضرورية للسفر · أخبرني أنه سيغادر البحرين خلال أيام لمتابعة دراسته العليا · تجادلت معه كثيراً في تغريبه ، ومقدار صبره على فراق هذا التراب المجيد· ضحك ، وقال : هذه سنة الحياة ، فراق صعب يعقبه لقاء جارف· كانت جولة جميلة على المحلات التجارية الكبيرة والفاخرة قضيتها بصحبته انتهت بدخولنا إلى متجر كبير أسميته خطأً جيش المال ، ولا زلت أتذكر ضحكته التي رنت طويلاً في أرجاء المتجر الفاخر ، الواسع · اسمه الصحيح جاشنمال ، حاملاً اسم صاحبه التاجر الآسيوي الذي استقر منذ زمن طويل في البحرين· انتهت جولتنا الاستكشافية في مقهى محترم ، راقٍ · تناولنا شطائر لذيذة وعصير فواكه طازجاً أتمنى مثله الآن ·
أين هو الآن؟
لو يصادفني وأنا على هذه الهيئة أجزم أنه لن يتعرف على ملامحي وسأغدو في نظره مجرد متسول ، متشرد ، ونتن ينبغي الابتعاد عنه· لن يتعرف علي بهذه الهيئة المزرية التي تبعث على التقزز والاشمئزاز · تراكمت الأوساخ على جسدي و ملابسي فأضاعت ملامحي القديمة ، المقبولة للأبد ·
صرخت فجأة في صبي المقهى دون مقدمات غاضباً ، ربما لأنه لا يوجد شخص آخر غيره، أو ربما لأنني كنت معتداً بنفسي للمرة الأولى :
- اخفض من صوت هذا الثرثار·
نظر الصبي صوبي باستخفاف · دلف للداخل على عجل · دهمني خوف وسرعان ما تعاظم عندما عاد ومعه صاحب المقهى على ما يبدو، رجل أسمر البشرة ، ضخم الجثة ، وقبل أن تتحرك شفتاه كنت قد ألقيت بجسدي المرهق للخارج ، فرحاً على الأقل بمجانية كوب الشاي بعد أن تقبلت إهانة جديدة ·
شكلي يبدو قبيحاً ، هكذا تذمرت لي المرآة المشروخة في أحد محلات كي الملابس المكيفة التي عادة ما ألجأ لها عندما تشتد سموم الحر · أحتاج إلى دينار واحد على الأقل لحلاقة شعر رأسي و ذقني · سيواجه الحلاق المسكين مهمة صعبة ، إن لم تكن مستحيلة، في التمشيط الأولي لشعري الحلقي· أتوقع أن يقترح حلاقة كلية أو أن أضاعف له الأجرة· ليفعل ما يحلو له حتى يبدو شكلي غير مقزز للآخرين · منذ متى يهمني ، أو يثيرني أن أبدو في هيئة حسنة· شيء غريب حقاً أن ألتفت إلى نظرة الآخرين تجاهي · أطوار جديدة بدأت في الظهور ولا أجد لها تفسيراً معقولاً · لن أستعجل في استنباط أي تبرير ، سأدع كل الهواجس للصدف أو الوقائع ·