رواية حارس الأوهام الرمادية؛ للكاتب البحريني جمال الخياط؛ الصادرة عام 2000 عن المؤسسة العربية للدراسات والنشر، نقرأ من أجوائها:
أنا الآن تعب ، ومهموم · هكذا أشعر في هذه اللحظة الخرافية بصدق ·
أنت هنا
قراءة كتاب حارس الأوهام الرمادية
تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"
اللغة: العربية
حارس الأوهام الرمادية
الصفحة رقم: 5
أتذكر تشبيه أحدكم لي بصعاليك الجاهلية ، وآخر ألصقني بخنافس الغرب، وآخر نسبني إلى متسكعي الطرقات ، منكم من قال بأنني أبدو مثل رواد الحانات المتعبين من الثمالة· ما رأيكم لو رأيتموني على النقيض · الوجه الآخر للعملة الخاسرة بالتأكيد ، في ظنكم ·
أتذكر الآن كلامكم المتفق عليه عندما رأيتموني في أحد الأعياد المباركة ، نظيفاً وأنيقاً، في كل شيء ، البشرة ، الملابس ، وحتى القلب المهشم بسبب الزمن · هتفتم بصوت واحد قبل أن أطلب الرأي :
- المهم يا غبي أن يبقى هذا ، وأنتم تشيرون إلى رأسي، نظيفاً من الشوائب وأنت كل منظفات الدنيا لا تعيد تألقك ·
وقال آخر وهو لا يستطيع تمالك نفسه من شدة الضحك :
- ماذا فعلت بنفسك ، أنك تبدو قبيحاً و مضحكاً بهذه الهيئة ·
أعدل عن فكرة الحلاقة أو النظافة ، يكفيني ما تلقيته من إهانات وسخرية · ما عدت قادراً على تحمل المزيد من الذل· لقد توصلت إلى حقيقة مهمة ، أنا اليوم لست على ما يرام · كل ما أنوي القيام به تمتد إليه أصابع الإحباط ، ويعجز القرار عن الوصول إلى محطته بسلام · ينبغي أن أرتب نفسي وأحدد أهدافي بوضوح بدل التخبط في وحل العشوائية·
أتمنى الآن أن أحط الرحال وأستريح · من حقي أن أنال إغفاءة لذيذة على صوت عذب ، رقيق · ليس هناك أعذب و أرق من صوت كوكب الشرق · أحتفظ بأشرطة كثيرة لأم كلثوم ، بتسجيل رديء من إذاعة البحرين التي دأبت على بثها في ليالي الخميس · ليست لدي الرغبة لدخول البيت الآن ، رغم اشتياقي لصوت السيدة ، وآهاتها الشجية التي تدغدغ أحاسيسي المتعبة · أمقت في هذه اللحظة المتعبة الاصطدام المروع بالوجوه التي تعشق عنادي ، وتمقت تصعلكي ، وجوه بائسة تجتر الضجر على الدوام لتقذفه عطناً في وجهي الدميم · تجوال محموم يتدفق في قدمي ينقلني بين أزقة المحرق الضيقة التي تبعث الأمان في أعماقي · أخرج إلى الشوارع فتخيفني الأنوار ، فأهرب مجدداً لاجئاً إلى الأزقة ، ولا أتعب· لثمت الخرائب فهي بيتي الرحب الذي طالما حمتني من قسوة الدهر وتقلباته·
كنت دائماً أحمل في داخلي تساؤلات مشتعلة ، محمومة · إلى متى تتلقفني هذه الحوائط؟ إلى متى ستظل تصفعني بالعجز؟ إلى متى أخط عليها شوقي وهيامي الخرافي؟ إلى متى يظل جبيني ممهوراً بدرب المعذبين