رواية حارس الأوهام الرمادية؛ للكاتب البحريني جمال الخياط؛ الصادرة عام 2000 عن المؤسسة العربية للدراسات والنشر، نقرأ من أجوائها:
أنا الآن تعب ، ومهموم · هكذا أشعر في هذه اللحظة الخرافية بصدق ·
أنت هنا
قراءة كتاب حارس الأوهام الرمادية
تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"
اللغة: العربية
حارس الأوهام الرمادية
الصفحة رقم: 8
بسطت قامتي الطويلة ليرتطم رأسي بغصن جاف ذو نهاية حادة · ألم خفيف بدأ يسري من مقدمة رأسي وحتى سقف الحلق الجاف · بلعت غصة كادت تقطع تنفسي ، ومشيت بمحاذاة السور الواطئ ، بينما يداي تعبثان بقضبانه · يتعلق الصدأ بتشققات اليدين · توقفت عند المكان الذي تتخذه رقية مقراً لبقالتها المتنقلة · لقد صدق حدسي وبات المكان محتلاً من قبل بائعة أخرى ·
طيبة هي المخلوق الوحيد الذي يكره رقية ، ولا أدري لماذا تختزن هذه العجوز الحاقدة كل هذه الكراهية المفتعلة ضد صديقتي العزيزة ، هل بسبب توفيقها في البيع· أو بسبب محبة صغار الرواد لها أم بسبب قلة رواد بقالتها؟
وقفت أمامها ولم أستطيع تجاهل نظرات نشوة الانتصار المزيف الممتزجة بفرحة الانتقام · ليتني أستطيع انتزاع البرقع الأسود الذي لا يظهر إلا عينيها الخائنتين لكنت كشفت زيف هذا الانتصار الباهت · هذا التحدي الأخرق الذي تتشدق به طيبة لم يقف سداً منيعاً عن مقتها ، وهي التي تتحين المحن والمآسي من أجل الانتقام · رمقتني الشمطاء باحتقار ثم سددت لي ضربة بعصاها تفاديتها في اللحظة الأخيرة · لقد أصبح مصيري كمصير الأطفال المشاغبين لبقالتها · أخذت تصيح متوعدة :
- ابتعد عن وجهي أيها القذر ، وإذا كنت تعتقد بأنك تستطيع زحزحتي عن هذا المكان ولو مقدار شبر فأنت مخطئ ، هل تفهم أم تريدني أن أفهمها لفأر من البلاعة القريبة حتى ينقلها لك بوضوح أيها القذر ·
إنها تحقد علي ، ولها مطلق الحرية في هذا الشعور القاتل بعد أن عاونت رقية بنشاط ولهفة في قذف حاجيات بقالتها في الشارع بعد مشاجرة حامية حول أحقيتها في المكان إن وصلت قبلاً· كنت في ذلك الوقت معذوراً ومدفوعاً بإحساس غريب لم أستطيع التحقق من هويته · وجدت نفسي أنحاز بلا مبالاة صوب رقية ، متخلياً عن حيادي الجبان · منذ ذلك الوقت توطدت صداقتي برقية ·
اقتربت منها أكثر ، بحذر شديد ، وبملامح حاولت قدر الإمكان تطويعها كي تصبح ودودة· لوحت ثانية بالعصا ، وطوحتها في الهواء بحركات بهلوانية مقصودة ، غير متقنة · إنها تتحدى بهذه الحركات الخرقاء شيخوختها الذابلة ، وتقاوم شبابي المتقد · إنها تدرك في الغالب شجاعتها التي ستتحدى جبني ، تثق في غلبتها · تكلمت بالوعيد والتهديد :
- قل للشمطاء التي أرسلتك بأنها لن تقتلعني من هذا المكان إلا في حالة واحدة لا يمكن أن تتحقق بمشيئتها ···