رواية حارس الأوهام الرمادية؛ للكاتب البحريني جمال الخياط؛ الصادرة عام 2000 عن المؤسسة العربية للدراسات والنشر، نقرأ من أجوائها:
أنا الآن تعب ، ومهموم · هكذا أشعر في هذه اللحظة الخرافية بصدق ·
أنت هنا
قراءة كتاب حارس الأوهام الرمادية
تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"
اللغة: العربية
حارس الأوهام الرمادية
الصفحة رقم: 7
الفصل الثاني
في اليوم التالي خرجت من المنزل مبكراً ، لم أطق انتظار طعام الإفطار الذي يطول به الوقت في العادة حتى التاسعة · قادتني قدماي دون وعي إلى منزل الصديق القديم ، منزل تقليدي لا يزال يحتفظ ببريقه القديم الأخاذ ولم يتحول إلى أطلال ، خرائب لا تنصت ولا تجيب · تساؤلاتي للساكنين في الجوار باءت بالفشل ، لقد أقدمت على هذه الخطوة للمرة الألف ، وربما أكثر ·
عند الظهيرة زينت وجهي الشاحب بابتسامة صفراء ، ومضيت باختيال كاذب ترافقني أشعة الشمس الحارقة إلى منتزه المحرق القديم المشهور باسم الكازينو· تجاهلت نداءات المسكينة أمي ولم أرتد ما يقي مخي لأنني ، ببساطة، لا أخاف على محتوياته البالية ·
الوقت لا يزال مبكراً للارتياد ، ولكنني لا أدخل المنتزه مطلقاً ، أكتفي بالتربع عند البوابة الحديدية مشاركاً رقية البيع في متجرها المتنقل في عربه خشبية ، متمتعاً أكثر بالوجوه الوالجة للمرح المجاني ·
كانت الساعة حوالي الثانية والنصف عندما وصلت إلى المكان المقفر إلا من الحارس الآسيوي الفخور بملابسه الوطنية · حميت مؤخرتي من حرقة الإسفلت مستعيناً بقطعة من الكرتون منتظراً قدوم رقية لكي أساعدها في دفع عربتها لتعتلي الرصيف ، ثم في تفريغ حمولتها ، بضاعة تافهة موجهة للصغار ، ألعاب بلاستيكية رخيصة من تايوان ، بالونات ، قبعات ورقية ، ألعاب نارية مهربة ، أنواع غريبة من الحلوى واللبان ، وأخيراً صندوق معدني يحتوي على خليط من مشروبات غازية وعصائر ·
مضت نصف ساعة تغلي ، ولا أثر لها بعد · قررت أن أغير موقعي مؤقتاً هرباً من حرارة الشمس الفظيعة · اخترت مكاناً تظلله شجرة لوز تمرد نصفها للخارج · كانت فرصة ذهبية نادرة سنحت لي بسبب قلة المرور في الشارع كي أنال إغفاءة، لكن سرعان ما استيقظت على صوت عجلات سيارة مراهق تعمد إفزاعي من نومي · لعنته في البداية ثم أشفقت عليه وأمثاله من المراهقين الذين يفتك بهم الفراغ ·
بدأ الرواد بالزحف على الحديقة ، زحف بطيء في مثل هذه الساعة التي تقارب الرابعة حيث الشمس لم تتنازل بعد عن سطوتها الشعاعية اللاسعه · رقية لم تحضر بعد ولا أدري ما الذي أخرها وعطلها حتى هذا الوقت · لم تفارق مكانها منذ سنين· لم يثنها المرض أو الكسل عن التغيب يوماً واحداً ، ولم تعرف الإجازات في حياتها المجهولة · لعمري لم أعرف أحداً يعشق عمله مثلها · باختصار شديد هذا يوم يتيم ، ومعتم كما يبدو في حياة رقية ·