أنت هنا

قراءة كتاب نافذة على الاعلام العربي والدولي

تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"

‏اللغة: العربية
نافذة على الاعلام العربي والدولي

نافذة على الاعلام العربي والدولي

من المؤكد أن الصحافة والعمل الصحفي لا يقتصران على البحث عن الأخبار ونقلها للجمهور دون النظر إلى ماهية تلك الأخبار ووقعها على المُتلقّي؛ لأن الخبر ليس مجرد كلمات تُصاغ بأسلوب لفظي أو كتابي ينشر أو يبث للناس، بل إنه أكبر بكثير من مفهوم اللغة والصورة: إنه حقيق

تقييمك:
0
لا توجد اصوات
المؤلف:
الصفحة رقم: 5
الصحافة البريطانية
 
كان من ضمن مكاسب الثورة الإنجليزية، وهي المعروفة باسم الثورة المجيدة (Glorious Revolution) في القرن السابع عشر ضد طُغيان الملَكية، إعلان الحقوق الذي أصدره البرلمان الإنجليزي عام 1689، والذي أعلن فيه سيادة البرلمان على التاج وفوق كل شيء·
 
كان جون لوك الملهم الرئيس لليبرالية الغربية؛ لأنه قرر منح بعض من حقوقه الأساسية في الدولة الطبيعية (الحقوق الطبيعية) للصالح العام، فقد وضع الفرد بعضاً من حقوقه في عهدة الحكومة· ودخل الناس عقداً اجتماعياً مع صاحبة السيادة (أو بمعنى آخر الحكومة) تضمن بنوداً لحماية هذه الحقوق الفردية نيابةً عن الناس، حسبما كتبه جون لوك في كتابه اتفاقيات الحكومة·
 
كان لدى إنكلترا ولغاية العام 1694 نظام مفصل لمنح الإجازات· ولم يكن بالإمكان نشر أي منشور بدون رخصة من الحكومة· وقبل خمسين عاماً أثناء الحرب الأهلية كتب جون ميلتون كراسه المعنون Areopagitica وقد انتقد ميلتون في كراسه ذاك نظام الرقابة الذي تفرضه الحكومة، وسخر من تلك الفكرة حينما كتب يقول فيما يمكن للمدينين والجانحين أن يسافروا إلى خارج البلاد من دون وصي، فإن الكتب غير المسيئة لو أرادت أن تمشي خطوات فإنها لا يمكنها ذلك من دون سجان مرئي فوق عناوينها ورغم أن المقالة تلك لم يكن لها تأثير كبير حينها في وقف ممارسة منح التراخيص الحكومية للمنشورات، إلا أنها ستُعد فيما بعد من الأعمدة الرئيسية لحرية الصحافة· حجة ميلتون القوية تمثلت في قوله بأن الفرد قادر على التعامل المنطقي، وتمييز الخطأ من الصواب، والسيء من الجيد· ولكي يكون من الممكن ممارسة هذا الحق المنطقي ينبغي أن تكون للمرء الحرية الكاملة للاطلاع على الآراء في مواجهة حرة ومفتوحة وقد نشأ عن كتابات ميلتون مفهوم السوق المفتوحة للآراء حينما يتجادل الناس مع بعض فإن الحجج الجيدة هي التي تسود·
 
من أنواع التعبير الذي كان مقيداً في إنكلترا ذلك الذي يحظره قانون التشهير التحريضي، والذي جعل من مسألة انتقاد الحكومة جريمة يحاسب عليها القانون· وكان الملك فوق كل الانتقادات، وكانت التصريحات التي تنتقد الحكومة محظورة بقانون محكمة Star Camber ، وهي (محكمة قانونية في القصر الملكي في ويستمنستر بدأت أولى جلساتها عام 1487، انتهت أعمالها في 1641 حينما ألغيت المحكمة)·
 
لم تكن الحقيقة المجردة دفاعاً قوياً أمام قانون التشهير التحريضي، لأن هدف القانون كان منع ومعاقبة كل انتقاد يوجه إلى الحكومة· وتعاطي ستيوارت مل مع إشكالية السلطة في مواجهة الحرية كان ينبع من وجهة نظر القرن التاسع عشر النفعية: أي للفرد حق التعبير عن نفسه طالما أنه لا يؤذي الآخرين· والمجتمع الجيد هو المجتمع الذي يتمتع فيه أكبر عدد من أفراده بأكبر قدر من السعادة· وبتطبيق المبادىء العامة لحرية الفرد يقول ستيوارت مل بأننا لو أسكتنا رأياً واحداً فإننا نكون بذلك قد أسكتنا حقيقة· ولهذا فإن حرية الفرد في التعبير من هذا المنطلق أمر صحي وفي صالح المجتمع·
 
وفي كتابه (حول الحرية) عبّر مل عن تطبيق المبادئ العامة لحرية التعبير، حين كتب قائلاً: إذا كانت البشرية جمعاء متفقة على رأي معين وهناك شخص واحد له رأي مغاير، فليس بيد البشرية أي مبرر لإسكات رأي هذا الفرد بالضبط، كما أنه ليس من حق ذلك الفرد وليس مبرراً له إسكات البشرية جمعاء
 
وتدين الصحافة البريطانية بجزء كبير من حريتها إلى قوة شخصية ومهارة صحفيين كبيرين هما : جون ولتر الأول مؤسس جريدة (التايمز) التي صدر عددها الأول سنة 1785 باسم (ديلي يونيفرسال ريجستر)· والشخص الآخر هو دانييل ستيوارت منشىء صحيفة (المورننج بوست)، وقد عاصر هذان الرجلان كبار المخترعين الذين قلبوا أوضاع الصناعة رأساً على عقب، وساروا بالصحافة الإنجليزية في طريق التقدم·

الصفحات