مررت خلال حياتي منذ أن كنت طفلاً في الثلاثينات من القرن الماضي وحتى يومنا هذا، بأحداث وحروب وظروف قاهرة ومعاناة عشتها وواكبتها فرأيت من واجبي تجاه وطني وشعبي أن يطلع علهيا العراقيون عامة، والشباب خاصة· أحداثاً أصبحت جزءاً من تاريخنا لما لها من تأثير على مجر
أنت هنا
قراءة كتاب نبضات الذاكرة
تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"
اللغة: العربية
الصفحة رقم: 6
4- خروج الوالد من السجن والبحث عن مصدر للعيش عام 1946
على الرغم من فرحته كبيرة بعودته إلى داره وأسرته التي حرمت منه أكثر من خمس سنوات· كانت فرحتنا أكبر بالرغم من علائم التعب والأرهاق والتي كانت ظاهرة على محياه· احتفلت الأسرة البحرانية بعودة عميدها إلى داره وأسرته وأقيمت عدة دعوات بهذه المناسبة·
بعد عدة أسابيع حاول الوالد أن يجد وسيلة لكسب العيش حيث اعتبرت جريمتهم اعتيادية وصودرت أملاكهم المنقولة وغير المنقولة وحتى حسابه في البنك جمّد وحرم من راتبه التقاعدي وهو حق شرعي وقانوني كما منع من ممارسة مهنة المحاماة·
اضطر في هذه الحالة الشاذة المخالفة لكل القوانين والأعراف الدولية إلى أن يسجلني عضواً في غرفة تجارة بغداد كي يعمل بإسمي لكسب عيشنا وتغطية مصاريفنا· هكذا كنا نستورد بعض المواد الغذائية والأقمشة ونبيعها بالجملة وكان أحد أقربائنا الحاج أحمد البحراني يقوم بهذه المهمة وأصبح خان العم خليل البحراني في شارع المأمون مركزاً لعملنا هذا· استمرت الحالة هذه لمدة سنتين صدر بعدها عفو ملكي باعتبار جريمتهم سياسية وعاد راتبه التقاعدي وممارسته مهنته الحرة المحاماة بعد طول عذاب·
5- المجابهة بين الوالد ورئيس الوزراء حمدي الباجه جي عام 1946
عندما خرج الوالد من السجن بعد إكمال محكوميته في مطلع عام 1946 قرر زيارة وزير المالية آنذاك يوسف غنيمة في مكتبه في السراي حيث كان قد عمل معه كمدير عام عندما كان الوالد وزيراً للمالية عام 1935· اصطحبني معه في محاولة لإقناع الوزير بحقه في الحصول على راتبه التقاعدي غير أن الوزير بعد الترحيب به اعتذر بسبب قرار المحكمة اعتبار جريمتهم اعتيادية وليست سياسية ويجب أن يصدر قرار بتصحيح ذلك· أثناء الزيارة وإذا بسكرتير الوزير يدخل فجأةٍ مكتب الوزير ويخبره بأن رئيس الوزراء في طريقه إليه· فجأه دخل رئيس الوزراء، حمدي الباجه جي، وقال مخاطباً الوزير أليس الجالس رؤوف البحراني؟ فأجابه الوالد نعم صدقت· فقال الباجه جي أين كنت هذه المدة فأحتد الوالد غضباً وقام مخاطباً رئيس الوزراء، كنا في ضيافتك في السجن يا رئيس الوزراء المحترم· هل أن (خروعه خضرة) أم رئيس وزراء ولا تعلم من كان في سجنكم من الوزراء السابقين وغيرهم ممن خدموا هذا البلد لسنين طويلة·
أثناء انفعاله ضغط على صدر رئيس الوزراء فسقط مغشياً عليه على أحد الكراسي المجاورة وأسرع وزير المالية بإسعافه وتوسل إلى الوالد بالكف عنه· أنا بدوري توسلت إلى الوالد بترك المكان، خوفاً من أن يحدث ما لا يحمد عقباه لتهجم الوالد على رئيس الوزراء· حاولت أنا والوزير وسكرتيره بإقناع الوالد بترك الغرفة· فصحبته إلى السيارة التي كانت واقفه قرب المكتب·