كتاب "ساعة زوال" مجموعة قصصية للكاتب العماني محمود الرحبي، تضم 17 قصة تباينت في الطول والموضوع، وتباينت في الأسلوب أيضا، حيث تنقل الرحبي بين أسلوب القصة الكلاسيكي والحداثي، مفي مجموعته هذه يمزج الرحبي بين الخيالي والواقعي والاسطوري في تجليات إنسانية تحدث ف
أنت هنا
قراءة كتاب ساعة زوال
تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"
اللغة: العربية
الصفحة رقم: 4
ملأ لي كأسي الذي بدأ يفرغ، ورفع إلى فمه قطعة خبز مملوءة بالعدس:
- أنا أفطر بالعدس كل يوم، لقد تعودت ذلك.
مضغ اللقمة وبلعها متمهلاً، ثم رفع رمشين شاردين، وأكمل:
وحين بدأ الطفل يمد رجليه ويتعلم المشي، أخذه والده في رحلاته إلى الصيد وكان برفقتهما أحد أصحابه، ثم أحنى رأسه متأملا وأغمض عينيه قبل أن يفتحهما في وجهي على سؤال مفاجئ:
- هل تعرف القرش الأبيض؟ (لم ينتظر إجابة مني حين أكمل حديثه فجأة):
- إنها سمكة مفترسة، يسميها الصيادون بالذئبة، وهي تخيفهم، وتوصف بالمكر وحِدَّة الذكاء في افتراس ضحيتها، وحين تجوع فإنها لا تنثني عن أكل بني جلدتها وأحيانا عائلتها، هذه الذئبة حين تقترب من قوارب الصيادين فإن الحيلة الوحيدة التي يحتالونها للنجاة من مخالبها القاتلة، هو أن يتجمدوا في أماكنهم، فلا يحركون ساكنا لأن أي نأمة ستجعلها تهجم على القارب وتفترس كل لحمة نية تتحرك بالقرب من فكّها.
أتمنى ألا أخيفك بحكايتي هذه، فنهايتها حزينة كالموت الذي يتبعنا، فجميع هذه البشرية كما تعلم ستنتهي إلى نفس المصير، وهم فوق ذلك يتصارعون! أليس في النهاية ذلك القبر اللعين هو من سيحصد كل شيء؟ ثم طير شروده فجأة، كمن ينكش ذبابا يحوم حول وجهه، وتفرس في وجهي متمعناً وكأنما ليتثبت من انعكاسات كلامه عليه، قبل أن يكمل:
ولكن ذات يوم حين كان الصياد وصديقه وابنه يجوبون بالقارب، أحس الطفل برغبة في التبول، فرفعه الأب على حافة القارب وسحب له ثوبه، وفجأة فطن صديق الصياد لقدوم الذئبة، فأمر صاحبه أن يتجمد مكانه رافعا الطفل، وكان لحظتها وجه الطفل يقابل وجه أبيه، حين حدثت الفاجعة وهجمت الذئبة وسحبت النصف السفلي لجسد الطفل، فتجمدت إلى الأبد نظرات الأب، أمام ذلك المشهد العنيف.
"قصة مؤذية".. أخرجت عبارتي تلك فبدت كالصرخة بسبب صمتي الطويل فاستقبلها العجوز بارتباك محرج:
- انْسَها أرجوك أو اعتبرها واحدة من القصص التي نسمعها كل يوم في النشرات الليلية.
– لا عليك أكمل، يهمني متابعة ما سيحدث.