كتاب "ساعة زوال" مجموعة قصصية للكاتب العماني محمود الرحبي، تضم 17 قصة تباينت في الطول والموضوع، وتباينت في الأسلوب أيضا، حيث تنقل الرحبي بين أسلوب القصة الكلاسيكي والحداثي، مفي مجموعته هذه يمزج الرحبي بين الخيالي والواقعي والاسطوري في تجليات إنسانية تحدث ف
أنت هنا
قراءة كتاب ساعة زوال
تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"
اللغة: العربية
الصفحة رقم: 5
ما حدث بعد ذلك هو أن الصياد بعد أن رأى مشهد ابنه ذاك، أصيب بالخرس، وصعقته نوبة من الجنون الصامت، فلم يعد يُرى في البلدة إلا هائما على وجهه، لا يلوي على شيء، ولكنها لم تمض إلا أيام قليلة حتى علم الناس أن قاربه اختفى من أمام البحر، بحثت عنه عائلته وأهل قريته ولم يجدوه، فأيقنوا أنه قد ضاع في البحر أو رمى نفسه فيه واضعا حدّا لعذاباته، ولكنه ما لبث وأن ظهر بعد أيام رافعا الذئبة بين يديه، وقد نهش بأسنانه الغاضبة لحمها نيا، ولم يعش بعد تلك الحادثة أكثر من يومين، لقد انتقم لموت ابنه قبل أن يتبعه.
- قصة مؤلمة وعجيبة.
- ألا ترى معي بأن الصّياد انتظر الطفل كثيرا وحين جاءه متأخرا، كان سببا في جنونه وموته، رغم ذلك فهي كائنات لا بدَّ منها، لتملأ علينا هذه الحياة القاحلة.
والآن سأخبرك في ماذا أحتاجك، ولكني أطلب منك أن تخدمني، ربما ستتهيب لأنك لا تعرفني، ولكن صدقني فإنَّ جميلك لن أنساه، فكما ترى فإني وحيد، وغيابي الطويل في البحرين حرمني العائلة والأصدقاء، ولا أظنّ بأنني سأجد امرأة تقبلني بسهولة ولم يبق من أسناني إلا كما ترى..
فتح في وجهي الصفين الأماميين لبيت أسنانه، كان خاويا بالفعل فلم أرَ سوى ما يشبه كهفا ضيقا تنبو منه صخور صغيرة ولسان.. سألته:
- هل بحثت جيدا؟
- نعم، وجدت فتاة صغيرة، وجهها يغار منه القمر وهي مستعدة للزواج مني.
شعرت في تلك اللحظة بعدم جدية وجودي أمام هذا الرجل، وأني أضيع وقتا طويلا تاركا سيارتي المعطلة تغرق وحيدة في الشمس، ولكنه ما لبث وأن بادرني بكلام حاسم مبددا كل ذرة شكَّ من شعوري الفاتر.
- لا يذهب بك الظن بأنني أمزح، فما أقوله قد حدث. لم أجد إلا هذه الفتاة، ووالدها مستعد أن يزوجني بها وبأقل المهور، وأريد منك فقط أن تكون شاهدا على ذلك، إنها من قرية طيبة وأهلها كذلك، ولكن الشياطين لا يتركون أحداً وشأنه.