ترى كم من المسلمين سمع عن موقعة وادي بَربَاط؟ تلك الموقعة التي تُعدّ من أهمّ المواقع في التاريخ الإسلامي، فالموقعة التي فُتحت فيها الأندلس يتم تشبيهها في التاريخ بموقعتي اليرموك والقادسية، ومع ذلك فإن الكثير من المسلمين لم يسمع بالأساس عن وادي برباط.
أنت هنا
قراءة كتاب الأندلس في ظل الإسلام - تكامل البناء الحضاري
تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"
اللغة: العربية
الأندلس في ظل الإسلام - تكامل البناء الحضاري
الصفحة رقم: 1
مقدمة
ترى كم من المسلمين سمع عن موقعة وادي بَربَاط؟ تلك الموقعة التي تُعدّ من أهمّ المواقع في التاريخ الإسلامي، فالموقعة التي فُتحت فيها الأندلس يتم تشبيهها في التاريخ بموقعتي اليرموك والقادسية، ومع ذلك فإن الكثير من المسلمين لم يسمع بالأساس عن وادي برباط.
وترى، هل قصة حرق السفن التي يُقال إنها حدثت في عهد طارق بن زياد، حقيقة أم هي من نسج الخيال؟ كثير من الناس لا يعلم حقيقة وتفاصيل هذه القصة، وكيف حدثت؟ إن كانت قد حدثت، وإذا لم تكن حدثت في الأصل فلماذا انتشرت بين الناس؟!
ثم، من هو عبد الرحمن الداخل؟ وكم من الناس يعرف تاريخه؟ ذلك الرجل الذي قال عنه المؤرخون: لولا عبد الرحمن الداخل لانتهى الإسلام بالكلية من بلاد الأندلس.
ومن هو عبد الرحمن الناصر؟ أعظم ملوك أوروبا في القرون الوسطى على الإطلاق. ماذا نعرف عن حياته؟ كيف وصل إلى هذه الدرجة العالية؟ وكيف أصبح أكبر قوة في العالم في عصره؟
يوسف بن تاشفين القائد الرباني، صاحب موقعة الزَلاقَة، كيف نشأ؟ كيف ربّى الناس على حياة الجهاد؟ كيف تمكن من الأمور؟ بل كيف ساد دولة ما وصل المسلمون إلى أبعادها في كثير من الفترات؟
من يسمع عن أبي يوسف يعقوب المنصور، صاحب موقعة الأَرك الخالدة، تلك التي دُكت فيها حصون النصارى وانتصر فيها المسلمون انتصارًا ساحقا؟
من سمع عن دولة المرابطين المجاهدة؟ ومن سمع عن دولة الموحّدين وكيف قامت؟
من يسمع عن مسجد قرطبة؟ ذلك المسجد الذي كان يُعدّ أوسع مساجد العالم، ثم كيف حُوّل إلى كنيسة ما زالت قائمة إلى اليوم؟
من يسمع عن مسجد اشبيلية؟ من يسمع عن جامعة قرطبة والمكتبة الأموية؟ من يسمع عن قصر الزهراء ومدينة الزهراء؟ من يسمع عن قصر الحمراء؟ وغيرها من الأماكن الخالدة التي أمست رسوما وأطلالا، وهي اليوم في عداد أفضل المناطق السياحية في إسبانيا وتزار من عموم الناس سواء كانوا مسلمين أو غير مسلمين.
ثم من سمع عن موقعة العِقَاب؟ تلك التي مُني فيها المسلمون بهزيمة ساحقة، رغم تفوقهم على عدوهم في العدد والعدة، وكأن حُنَيْن عادت من غابر التاريخ لتروى أحداثها في موقعة العقاب، تلك الموقعة التي قال عنها المؤرخون: بعد موقعة العقاب لم يُر في الأندلس شابٌ صالحٌ للقتال.
من يعلم أن عدد المسلمين الذين هلكوا في هذه الموقعة الضخمة قد تجاوز ثمانين ألف مسلم؟
كيف سقطت الأندلس؟ وما هي عوامل السقوط التي إن تكررت في أمّة من المسلمين سقطت لا محالة بفعل سنن الله الثابتة.
ثم كيف وأين سطعت شمس الإسلام بعد سقوط الأندلس؟ كيف جاء غروب شمس الإسلام في الأندلس في غرب أوروبا متزامنا مع إشراقها وسطوعها في القسطنطينية شرق أوروبا؟
ما هي مأساة بَلَنْسِيَّة؟ وكيف قُتل ستون ألف مسلم في يوم واحد؟ وما هي مأساة أو بذّة؟ وكيف قُتل ستون ألف مسلم آخرين في يوم واحد؟
ما هي مأساة بَرْبُشْتُر، وكيف قُتل أربعون ألف مسلم في يومٍ واحدٍ، وسُبيت سبعة آلاف فتاة بكر من فتيات بَرْبُشْتُر؟
ماذا كان ردّ فعل المسلمين، وكيف تصرفوا، وكيف قاموا من هذه المآسي المفزعة؟ أسئلة كثيرة وكثيرة، لو استطعنا الإجابة عنها لعرفنا كيف ننهض الآن ونقوم.
في هذا الكتاب محاولة للإجابة عن هذه الأسئلة وعن غيرها مما يلفه الغموض من تاريخ الأندلس في ظل الحضارة الإسلامية التي أشرقت بنورها على هذه المنطقة من العالم لأكثر من ثمانمائة عام.