أنت هنا

قراءة كتاب الأندلس في ظل الإسلام - تكامل البناء الحضاري

تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"

‏اللغة: العربية
الأندلس في ظل الإسلام - تكامل البناء الحضاري

الأندلس في ظل الإسلام - تكامل البناء الحضاري

ترى كم من المسلمين سمع عن موقعة وادي بَربَاط؟ تلك الموقعة التي تُعدّ من أهمّ المواقع في التاريخ الإسلامي، فالموقعة التي فُتحت فيها الأندلس يتم تشبيهها في التاريخ بموقعتي اليرموك والقادسية، ومع ذلك فإن الكثير من المسلمين لم يسمع بالأساس عن وادي برباط.

تقييمك:
5
Average: 5 (1 vote)
الصفحة رقم: 5
وقد يكون هناك اعتراض آخر من قائل يقول: لندع الناس يعبدون ما يشاءون، لماذا نشغل أنفسنا بتعليمهم أن الله سبحانه وتعالى واحد؟ لماذا نجيّش الجيوش حتى نعلمهم هذا المفهوم؟ لماذا لا ندعهم أحرارًا يعبدون ما يعبدون من دون الله سبحانه وتعالى؟
 
والجواب: أن الله سبحانه وتعالى جعل للمسلم رسالة عليه أن يؤديها، وهذه الرسالة لَخّصها رِبعِي بن عامر في حواره مع قائد عسكر الفرس في موقعة القادسية حين قال  : لقد ابتعثنا الله لنخرج العباد من عبادة العباد إلى عبادة رب العباد، ومن جوْر الأديان إلى عدل الإسلام، ومن ضيق الدنيا إلى سَعة الدنيا والآخرة.
 
فهذا هو مراد المسلم وهذه هي رسالته في الدنيا، روى البخاري عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ  : ﴿كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ ۗ وَلَوْ آمَنَ أَهْلُ الْكِتَابِ لَكَانَ خَيْرًا لَهُمْ ۚ مِنْهُمُ الْمُؤْمِنُونَ وَأَكْثَرُهُمُ الْفَاسِقُونَ ﴾ [آل عمران:110]. قَالَ: خَيْرَ النَّاسِ لِلنَّاسِ، تَأْتُونَ بِهِمْ فِي السَّلاسِلِ فِي أَعْنَاقِهِمْ حَتَّى يَدْخُلُوا فِي الإِسْلامِ.
 
أي إذا كان الناس يأبون الدخول في الإسلام تأتي بهم ولو في السلاسل حتى يدخلوا فيه، فتنقذهم من أن يخلدوا في نار خالدة، وتنقذهم من العيش في جور الأديان، ومن ظلم الحكام إلى العيش في عدل الإسلام، والعيش في سَعة الدنيا والآخرة، تمامًا كمن يريد أن يلقي بنفسه من مكان مرتفع جدًا فأسرعت أنت وجذبته من يده وأنقذته، هل يأتي من يلوم عليك إيلام يده، أو أنك جذبت يده بقوة؟ وإذا كنت قد أنقذته من هاوية الموت المحقق الذي لن يلومك عليه أحد، فبالأحرى أن تنقذه من هاوية أبدية إنها هاوية الجحيم، وبالأحرى إذن أن تنقذه من أن يخلد في نار جهنم، وتهديه إلى هذا الدين وتعلمه إياه، وبالأحرى أن تأتي له بالجيش الذي يؤثر فيه حتى يسمع كلام الله سبحانه وتعالى؛ فإن الله ليزرع بالسلطان ما لا يزرع بالقرآن، وكثير من الناس لا يسمع إلا إذا كان الداعي محاطًا بقوة وبجيش كبيرين، وهنا يبدأ يسمع ويفكر فيجد أن ما كان يرفضه هو النجاة، وما كان يريد اتباعه هو الهلاك المحقق الذي لا فكاك منه، والكثير من الأمم التي دخلت في دين الله أفواجا حين دخل الفاتحون دخلوا غير مكرَهين ولا مضطرين. وقد يقول قائل: إن هذا الفتح ودخول هذا الجيش يتعارض مع قوله تعالى: ﴿لَا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ ۖ قَدْ تَبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَيِّ ۚ فَمَنْ يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَيُؤْمِنْ بِاللَّهِ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَىٰ لَا انْفِصَامَ لَهَا ۗ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ﴾ [البقرة:256]. والحقيقة أن هذا الفتح وهذا الدخول للجيش لا يتعارض مطلقًا مع هذه الآية الكريمة، فالمسلمون حين يدخلون هذه البلاد يعرّفونهم أولا دينَ الله سبحانه وتعالى، ثم يُخيّرونهم جميعا بين أن يظلّوا على إيمانهم بمعتقداتهم أو يعبدوا الله سبحانه وتعالى، فمن أراد أن يبقى في ظلم الشرك وفي ظلم الجاهلية بقي فيه، ومن أراد أن يدخل في نور الإسلام دخل فيه وكانت له سعادة الدنيا والآخرة.

الصفحات