أنت هنا

قراءة كتاب إيران بين القومية الفارسية والثورة الاسلامية

تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"

‏اللغة: العربية
إيران بين القومية الفارسية والثورة الاسلامية

إيران بين القومية الفارسية والثورة الاسلامية

تحتل إيران مكانة مهمة في منطقة الشرق الأوسط، بسبب موقعها الجغرافي الممتد من بحر قزوين شمالاً إلى الخليج الفارسي جنوباً· ولها حدود مباشرة مع سبع دول هي: أرمينيا وأذربيجان وتركمانستان في الشمال، وأفغانستان وباكستان في الشرق، وتركيا والعراق في الغرب· وتشترك مع

تقييمك:
0
لا توجد اصوات
الصفحة رقم: 4
وكانت أعداد كبيرة من الشركس والجورجيين والأرمن قد دخلوا إلى إيران في عهد الشاه الثاني طهماسب، وقد ألف عباس منهم جيشاً جديداً ولاؤه الأول للشاه· وبلغ عدد هذا الجيش أربعين ألف مقاتل، اعتمد عليهم عباس في القضاء على القزلباش وعلى كل من تمرد عليه· ففي سنة 1602، قضى عباس على الأوزبيك على الحدود الشمالية، ثم اتجه نحو العثمانيين فحاصر تبريز والأجزاء الشرقية من الأناضول· وهزم القوات العثمانية في معركة سفيان قرب تبريز، وأخرجها من الأراضي الإيرانية·
أنشأ الشاه عباس العديد من المدارس الدينية التي تعلم المذهب الشيعي الجعفري ، مما عزز انتشار هذا المذهب من الهند إلى العراق وسوريا وشرق تركيا· وسمح عباس للمبشرين المسيحيين الكاثوليك من الآباء الكرمليين والأوغسطينيين والكبوتشيين ببناء أديرة ورهبنات في إيران·(4)والواقع أن الصفويين منحوا إيران دولة وهوية قومية تقوم على التراث الفارسي والمذهب الشيعي·
كان عباس طاغية مستبداً يواجه تحديات داخلية وخارجية· وقد علمته تجاربه الشخصية أن لا يثق بأحد، بمن في ذلك أفراد أسرته· ولما ثار عليه مربي ابنه الثاني حجز عباس جميع ورثته في قصر الحريم، منقطعين عن العالم الخارجي ومفصولين عن مرافقيهم· ونشأ الأمراء بين الخصيان والنساء· ولما سمح لهم بالخروج لمرافقة أبيهم في حملاته العسكرية، لم يرافقوه كجنود ومقاتلين وإنما كرهائن خشية من عباس أن يكون أي من أبنائه في العاصمة تهديداً للعرش· واشتدت هواجس عباس، حتى اعتقد أن ابنه الأكبر يتآمر عليه في شباط/فبراير 1615 فقتله· وبعد ست سنوات، أي في سنة 1621 أمر بسمل عيني ابنه الثاني متهماً إياه بالتآمر على العرش· وقام بسمل عيني ابنه الخامس وقتله، كما قتل والده وأخويه· ولم يتردد في ممارسة العنف والقتل في رعاياه لشكوكه في تمردهم عليه· ومات عباس سنة 1629 بدون وارث للعرش·
والواقع أن الشاه عباس قد لجأ إلى الوسائل المعروفة لدى الملوك الشرقيين المستبدين لترسيخ السلطة المركزية في البلاد· فقد أعاد تشكيل القيادات الإدارية في إيران، بتخليه عن الانتماءات العشائرية والقبلية لهذه القيادات، وقوتها الاقتصادية وأصلها الطبقي، واعتماده على معايير الولاء الشخصي له والاتصال المباشر به· ولذا كان حوالي خمس القيادات العليا في البلاد في أيدي عناصر جديدة، عند نهاية حكمه·
وأعاد، في الوقت نفسه، تأسيس الجيش، كما بينا سابقاً، بالاعتماد على عناصر جديدة، وتقليص عدد قوات القبائل· وانتهج سياسة اقتصادية قامت على إنشاء المصانع الكبرى التي تملكها الدولة· واحتكرت الدولة التجارة الداخلية والتجارة الخارجية· ونظم الحرفيون في نقابات قوية ونشيطة في المدن الإيرانية· وكان رؤساء النقابات الحرفية يعينون من قبل الشاه· وساهمت جميع هذه الوسائل في تعزيز السلطة المركزية وتقويتها·(5)
تولى الحكم بعده ملوك ضعاف حتى تمكنت الأسرة القاجارية من إنهاء الحكم الصفوي سنة 1795·(6)
ففي سنة 1722 غزت القبائل الأفغانية التي يقدر عددها ب (18) ألف مقاتل إيران، واستسلم الشاه حسين، حفيد عباس، لها· وتمكنت هذه القبائل الأفغانية من الاستيلاء على فارس وشرق إيران· وتوغلت القوات العثمانية في الأراضي الإيرانية، فاستولت على مدينتي تبريز وهمدان· وتقدمت القوات الروسية، في الوقت نفسه، واحتلت سواحل بحر قزوين الغربية·
غير أن الأفغان تراجعوا سنة 1736 أمام قائد حربي يدعى نادر قيل بيج Nadir Qil Beg، استعاد الملكية وأصبح شاهاً، وتوغل في العراق واتجه شمالاً نحو آسيا الوسطى· وتوغل في الهند سنة 1737، وعاد منها حاملاً عرش الطاووس المرصع بالجواهر الثمينة والبالغ ارتفاعه سبعة أقدام· وعلى الرغم من انتصاراته الحربية إلا أن نادر شاه لم يبن أمة ولا إمبراطورية، ومات سنة 1747، على يد قادة جيشه· وبموته دخلت إيران في حرب أهلية استمرت حتى سنة 1750 حينما تمكنت قبيلة من الزاند من الاستيلاء على مدينة شيراز بقيادة كريم خان قبل بدء الحرب الأهلية في البلاد· وبعد خمس عشرة سنة، أي سنة 1794، اندفعت قبيلة القاجار منمازانداران،وهزمت المطالب الزاندي بالعرش الصفوي·(7)

الصفحات