تحتل إيران مكانة مهمة في منطقة الشرق الأوسط، بسبب موقعها الجغرافي الممتد من بحر قزوين شمالاً إلى الخليج الفارسي جنوباً· ولها حدود مباشرة مع سبع دول هي: أرمينيا وأذربيجان وتركمانستان في الشمال، وأفغانستان وباكستان في الشرق، وتركيا والعراق في الغرب· وتشترك مع
أنت هنا
قراءة كتاب إيران بين القومية الفارسية والثورة الاسلامية
تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"
اللغة: العربية

إيران بين القومية الفارسية والثورة الاسلامية
الصفحة رقم: 9
استطاع الشاه ناصر الدين (1848-1896) جعل عاصمته طهران مركز اهتمام العالم· فقد فتح الطرق التي تصلها بشمران وهمدان وأصفهان ومشهد· وأعاد شق شوارع طهران نفسها فوسعها وأنشأ ساحات واسعة فيها· وأظهر قصر غولستان الذي كان مقراً رسمياً للشاه ولإدارة الدولة، ثراء الدولة القاجارية وقوتها· وحمل الشاه ناصر الدين ألقاباً فخمة مثل: شاهنشاه، وملجأ العالم، ومركز توقير العالم، وقاهر المناخ، وحكم شعبه، وحامي الشعب، وفاتح البلاد، وظل الله على الأرض·
سعى ناصر الدين إلى إخراج إيران من عزلتها، وقام بجولات في أوروبا في سنوات 1873و 1878و 1889، ترافقه حاشية كبيرة بمن فيها زوجاته وإماؤه· لقد تأثر بما شاهده في جولاته هذه، فغير لباسه الشرقي· واتخذ لباساً أوروبياً، وزين قصر غولستان بلوحات زيتية أوروبية· ومع أن ناصر الدين قد بيّن في يومياته حب استطلاع قوي لكل ما رأى وسمع في عالم الممالك الدستورية الغريب، والنساء السافرات، فقد ركز اهتمامه على الأسلحة العسكرية· ولا شك أن الضغط الروسي على الأراضي الإيرانية، والسعي البريطاني لحماية الطرق المؤدية إلى الهند، دفعت الشاه إلى شراء التكنولوجيا الغربية، من معامل الذخيرة وصب المدافع ومعامل إنتاج ملح البارود· واقتنع الشاه بأن مصدر قوة إيران هو في تبني الأشياء من الغرب·
كان ناصر الدين شاه يمارس حكماً فردياً مطلقاً على رعاياه المنقسمين إلى قوميات وإثنيات وطوائف ومذاهب وقبائل متنافرة· وكان رجال الدين يؤيدونه حتى سنة 1890؛ إذ بدأ الخلاف معهم هذه السنة حينما قرر الشاه أخذ الأموال من الأوروبيين مقابل منحهم الامتيازات الاقتصادية لشركاتهم، بعد أن وجد أن الضرائب المحلية ومصادرة الأملاك الخاصة لا تكفي للخزينة القاجارية· وشرع بمنح امتيازات للتنقيب عن المعادن، وبناء السكك الحديدية، وفتح البنوك، وبيع أوراق اليانصيب للشركات والدول الأوروبية·
وجدت المعارضة السياسية للحكم القاجاري في هذه التدابير إضعافاً للأمة، بعد أن بعثت القومية الإيرانية من سباتها· وهي القومية القائمة على اللغة الفارسية والمذهب الشيعي· كانت البلاد قد تمزقت بحروب النصف الأول من القرن التاسع عشر، وها هو الشاه يبيع البلاد للغرب·(15)