تحتل إيران مكانة مهمة في منطقة الشرق الأوسط، بسبب موقعها الجغرافي الممتد من بحر قزوين شمالاً إلى الخليج الفارسي جنوباً· ولها حدود مباشرة مع سبع دول هي: أرمينيا وأذربيجان وتركمانستان في الشمال، وأفغانستان وباكستان في الشرق، وتركيا والعراق في الغرب· وتشترك مع
أنت هنا
قراءة كتاب إيران بين القومية الفارسية والثورة الاسلامية
تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"
اللغة: العربية

إيران بين القومية الفارسية والثورة الاسلامية
الصفحة رقم: 6
ولما كانت إيران تقع بين روسيا الطامحة إلى الوصول إلى المياه الدافئة في الخليج الفارسي، وبين المحميات البريطانية في الخليج نفسه، حيث تسعى بريطانيا إلى حماية الطرق المؤدية إلى الهند، فقد وقعت ضحية الصراع بين هاتين الدولتين العظميين·
ولما حاول الشاه فتح علي الدفاع عن مملكته شن حرباً على روسيا سنة 1813 انتهت بهزيمته، واستولت روسيا على أرمينيا وجورجيا وشمال أذربيجان· ومني الشاه بهزيمة ثانية أمام روسيا سنة 1828 أسفرت عن احتلال روسيا لسواحل بحر قزوين الجنوبية· وغدا هذا البحر بحيرة روسية· وبعد عشر سنوات، طالب الشاه القاجاري بمدينة هرات الأفغانية، فتصدت له بريطانيا وهزمت جيشه·
وقعت إيران فريسة السياسة الاستعمارية البريطانية منذ بداية القرن التاسع عشر· فقد فرضت عليها بريطانيا اتفاقية تجارية سنة 1800 أعفيت بموجبها البضائع والمنتجات البريطانية المستوردة من الضرائب والرسوم الجمركية· وتمكنت فرنسا من فرض اتفاقية تجارية مماثلة على إيران سنة 1807· وعلى أثر هزيمة إيرانأمامالقوات الروسية سنة 1828، وقعت إيران اتفاقية مع روسيا لصالح الأخيرة· وجددت بريطانيا اتفاقيتها التجارية مع إيران سنة 1841·(10)
في هذا المناخ من الهزائم المتلاحقة، ارتقى العرش القاجاري الشاه الشاب ناصر الدين سنة 1848، فكان رابع الملوك القاجاريين· وظل يحكم إيران أربعين سنة· كانت أول الأزمات التي واجهها تمرد في ست ولايات من المملكة أشعلته الهزائم العسكرية السابقة الذكر، والقبائل والولايات التي شعرت بضعف الحكومة المركزية· وجاء التحدي الثاني للشاه ناصر الدين من بلاطه في شخص ميرزا تقي خان فراهاني، مربي الشاه· كان هذا المربي يعرف باسم أمير كبير على الصعيد الشعبي· وأصبح أول رئيس وزراء في عهد الشاه الجديد· وجاء إلى السلطة بتراث المثقف عباس ميرزا ابن الشاه فتح علي· كان عباس ميرزا من أوائل الدعاة إلى إصلاح المملكة والأمة، ولكنه توفي قبل والده، وترك أثراً في عقول المتنورين في القصر ومن أبرزهم أمير كبير·
استغل أمير كبير صلاته الحميمة بالشاه، فمد سلطته إلى أموال الحكومة والجهاز الإداري لإصلاح الحكومة المركزية، وأدخل في السياسة الخارجية الإيرانية مبدأ التوازن في علاقات إيران مع جيرانها الأقوياء، وهو المبدأ الذي استمر حتى عهد محمد رضا بهلوي· وقد حمى هذا المبدأ سيادة إيران الهشة من خلال توازن المصالح الروسية مع المصالح البريطانية· وأنشأ أمير كبير جيشاً حديثاً وسلحه بحيث أصبح قادراً على حماية الأراضي الإيرانية·
حاول أمير كبير إزالة الثنائية في السلطة بين الشاه ورجال الدين، أو إضعافها لدرجة تصبح فيه لا تشكل تحدياً لسلطة الحكومة· ولكن الهوة بين التاج والعمامة تجسرت حينما رأى أمير كبير أن الحركة البهائية تشكل تهديداً لاستقرار إيران الداخلي·(11)