المجموعة الشعرية "تراتيل أسفلل شرفة الوعد"، للشاعر الليبي صالح أحمد قادربوه، الصادر عن دار زهران للنشر والتوزيع، نقرأ منه:
إشراق
للساعة إبطٌ
يُعْشِبُ فيها ورق الصمت
رائحة العرق الزمني
تُضييءُ
- كما الصلصال -
أنت هنا
قراءة كتاب تراتيل أسفل شرفة الوعد
تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"
اللغة: العربية

تراتيل أسفل شرفة الوعد
الصفحة رقم: 2
من هنا يصبح التساؤل الخطوة الأولى نحو الفهم ، مفتاحاً نديره في ثقب الباب لندخل منه إلى عالم (صالح) الشعري بهدوء وروية ، بشكل شعري كامل إن أمكن ، دون أن تحدث أقدامنا المتلهفة ضجة تمنع المتعة .
أهي اللغة من يقود الشاعر إلى خلق صوره ومفرداته وتراكيبه ومعانيه ؟ أم إنها المعاني ؟ لـربـما الرغبة هي من يقوده إلى حيث هو ، الرغبة في امتلاك اليقين ، ربما نعم ربما لا ، فالعالم لم يخلق على مقاسنا منذ الأزل ، لكنه خلق على أية حال ، ونحن والشاعر مكلفون بحكم الضرورة إعادة ترتيبه وتأثيثه قدر الإمكان ، أو لنقل لمن لا يشاركنا هذه الرغبة إنـنـا بحكم الفراغ وإمكانية انسياقنا مع الوقائع والحوادث نتلهى بتلوين مربعات شطرنج الوقت ، وهل نفعل ذلك بوعي وإرادة أم لا ؟ الديوان يقول إن الشاعر يعي ذلك تماماً ، فهل سنشاركه لعبته أم نكتفي بالفرجة ؟ لكل منا إجابته الخاصة ، أما الشاعر فيقول في قصيدة (ظِلال) :
" الهجائية سُلَّمي المهتريء للبوح
تراوغ السائد المحنك
بشقاوة طفولية
عاقلة جداً "
ألا يرغب الشاعر - كبقية الشعراء - أن يجمع المتناقضات معاً دون صراع ؟ هل ينجح في ذلك أم يكتفي بشرف المحاولة ؟ والإجابة ستتعدد بالتأكيد تعدد القراءة ومرجعياتها ومناهجها .
لنقرأ مشروعه الشعري عبر تفاصيل رئيسية فيه لنرى ملامحه الأولى :
1. الصورة الشعرية :
لعل من نافل القول التأكيد على الأهمية التي تحظى بها الصورة الشعرية في عالم الكلام الشعري (شعراً ونقداً)، واعتبارها لدى كثيرين من النقاد والشعراء معياراً يفصل الشعر عن اللاشعر ، وأحياناً جرها إلى لعب دور لطالما أدته موسيقى الشعر الموروث ، بإحداثها إيقاعاً داخلياً خاصاً بكل قصيدة .
وحتى القراءة العابرة لهذا الديوان تظهر إلى أي حد تندرج الصورة كمكوّن فني ضمن جسد قصيدة (صالح) ، بما يجعلها تحوز وضعاً متميزاً داخل تراكيبه الشعرية ؛ فقصيدة (انكسار) مثلاً تشكل نموذجاً ظاهراً متكاملاً لطريقة توظيف (صالح) للصورة في نصوصه الشعرية ؛ فأفعالها الأولى والرئيسية منسوبة للمدن ، وهي فاعل معلوم ظاهراً، لكنه عند تدقيقه وتمعنه لا يظهر إلا المعنى ، المدن ليست بالتأكيد مقصودة لذاتها بقدر ما هي تجسيد لفكرة مجردة ، وهذا ما يتكرر في أغلب قصائد الديوان ، في ممارسة واضحة تستهدف جر المعنى المراد إلى القاريء عبر استخدام الصور كوسيط .