المجموعة الشعرية "تراتيل أسفلل شرفة الوعد"، للشاعر الليبي صالح أحمد قادربوه، الصادر عن دار زهران للنشر والتوزيع، نقرأ منه:
إشراق
للساعة إبطٌ
يُعْشِبُ فيها ورق الصمت
رائحة العرق الزمني
تُضييءُ
- كما الصلصال -
أنت هنا
قراءة كتاب تراتيل أسفل شرفة الوعد
تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"
اللغة: العربية

تراتيل أسفل شرفة الوعد
الصفحة رقم: 3
وفي (انكسار) بالذات تحولت الصور المتتالية إلى قطع بنت جسد القصيدة حتى اكتمل المعنى المراد ، ولو تورطنا في محاولة إهدار إحداها لصالح قراءة المعنى من دونها لخسرنا الكثير ، لربما خسرنا القصيدة كلها ، فهذا التدريج في توليد ونقل المعنى ضروري للتفاعل مع القصيدة وليس زائداً عن الحاجة ، فخصوصية الحلم الذي ترسمه القصيدة تتكشف عبر تدرج وتتالي الصور . أما في (فجر) :
"شاءه الغيبُ
صورةَ ظلِ النبيينَ في الأرض
فانفتحت وردة
في الهزيع الأخير من الصمت
حتى كأن المدى
أمسَكَتْهُ يدٌ لا تُرى"
تصل القصيدة بالصورة إلى أعلى مستويات تجريدها ولا ماديـتها ، إذ تــتفتــح وردة في الهــزيـع الأخير للصمت لتمسك يدٌ (لا تُرى) المدى ، مما يجعلنا لا نقبض كقراء من صور (صالح) هذه إلا على المعنى ، أو نمسك باللغة لوحدها كما في (ظِلال) :
"دواوين الفعل اللازم
اكتظاظ الفراغ
تكسر انكسار الروح"
لنجد المعنى في الصورة التالية في ذات القصيدة :
"وتجبر ما تبقى من اليقين القديم
بيقين جديد نوعاً ما"
دون أن نتورط في الحالتين في الإمساك بصورة عادية يومية مكررة ، صورة تعيد سرد الموجود خارج ذواتنا وذات الشاعر ؛ ربما لأنه يقصد ألا يتورط في هكذا محاولة.
2. حضور الوعي :
تنطلق كثير من قصائد الديوان من الإخبار عن الذات ، أي من الوعي بوجودها ، لا من حيث الوجود المادي العادي ، بل من حيث الرغبة في تنبيه الآخر إلى هذا الوجود ، إلى اختلافه عن بقية الوجودات ، وهو منطلق يشكل - منفرداً - هاجساً رئيسياً لقصائد الديوان ، يشكل في الخلف دواعي الكتابة الفنية للقصائد . ودليل ذلك هو انشغال الشاعر ، على مدى أغلب النصوص ، لا بالتعبير عما عرفه من دقائق تجاربه الحياتية ، بل بالإعلان عن وجوده ذاته ، وتأكيد حضوره في القصائد كحضوره في العالم . حتى عندما يتحدث عن نابليون ، ذلك البعيد الزماني والمكاني ، لا يتركنا نطلع على الأسئلة قبل أن يخبرنا عن ذهوله الممض تجاهه في قصيدة (ظِلال) . وفي مدخل الديوان ذاته نجدنا بمواجهة طرفين في علاقة واحدة يبدو كل ما حولها فراغاً أبيض : الشاعر والوطن ، وهنا يوظف اليومي والعادي لخدمة هذا الحضور .