أنت هنا

قراءة كتاب شرق الأردن سجل رحلات وملاحظات في بلاد مؤاب وجلعاد وباشان

تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"

‏اللغة: العربية
شرق الأردن  سجل رحلات وملاحظات في بلاد مؤاب وجلعاد وباشان

شرق الأردن سجل رحلات وملاحظات في بلاد مؤاب وجلعاد وباشان

في العشرين من تشرين الأول، عام 1874، عُيِّنتُ عالِماً للآثار في الجمعية الأمريكية لاستكشاف فلسطين. وأبحرتُ من نيويورك في الـ 19 من حزيران، عام 1875، ووصلتُ إلى بيروت، وهي المقرّ الرئيس لنا في سورية، وفي يوم الاثنين، التاسع من آب.

تقييمك:
0
لا توجد اصوات
المؤلف:
الصفحة رقم: 5
لا يمكن أن تقارَن هذه المدينة (بيروت) مع الإسكندرية فيما يتعلق بالظروف المواتية للنمو المادي. وفي الوقت نفسه تتمتع بيروت بمزايا غير عادية في مناخها، وموقعها الجميل ومنظرها الرائع، وفي خصوبة تربتها، ومصادر مياهها الوافرة. وعلى العكس من أية مدينة مصرية، لهذه المدينة سلسلة جبال قريبة توفر ملجأً للسكان ومنتجعاً خلال فصل الصيف السوري الطويل. فعندما يُنهك الناس هنا من حرارة الطقس الاستوائية، كان يمكنهم خلال ثلاثة أو أربعة ساعات على ظهور الجياد أن يصلوا إلى الأجزاء العليا من لبنان، حيث الماء البارد والهواء العليل المنعش. ويحتفظ جبل صنّين، الذي يمكن رؤيته من هذه الكلية، وقمته وهي من أعلى قمم جبال لبنان، تحتفظ في وهادها وشقوقها بالثلوج طيلة أيام السنة، ومن هذا المصدر يزود سكان بيروت بهذه الرفاهية بسعر معقول جداً.
مع أن بيروت لا تتساوى مع الإسكندرية، إلا أنها تعتبر ميناءً تجارياً مهماً على الساحل السوري، ومن بين الحقائق الخاصة التي علمتُ عنها هي أن معظم السفن التي ترفع علم الولايات المتحدة، وتصل إلى هنا بحمولات من البتروليوم. والأجانب يختصرون هذا بكلمة «بترول»، بينما السكان المحليون يطلقون عليها بمادة «الكاز». وقد بُدئ باستيراده مباشرة حوالي عام 1867، ووصل خلال ذلك العام إلى بيروت 50 ألف غالون. بيد أن هذه التجارة ازدادت حتى وصلت في العام الماضي إلى حوالي مليون غالون محمولة على متن سفن أمريكية فقط. ولم يُستهلك هذا النفط جميعه في بيروت، إنما وُزِّع على جميع أنحاء سوريا. فبعضه نُقل بواسطة قوارب محلية إلى موانئ سورية أخرى، ونُقل بالبر إلى دمشق ومدن أخرى حتى أنه وصل إلى مدن وقرى تقع على طول نهر الفرات.
من بين المواد المستوردة الأخرى هنا، يمكنني أن أخص بالذكر ومن دون المضي بتفصيلات طويلة: الخردوات والأدوات المعدنية، الآنيات الفخارية، والمواد الزجاجية، والأثاث، وماكينات الخياطة، والأحذية والجزمات، الجلود، الخمور والأنبذة الروحية، والأدوية والعقاقير، والأرز، والقهوة، السكر والطحين، والقرطاسية، والطُرَف والألبسة الصوفية والقطنية، ومواد الطباعة، وعلب الكبريت، السيجار، الرخام، والأخشاب بما فيها ألواح الخشب وأشعة البناء الثقيلة، وغيرها. فرغبة وحاجة السكان تعود إلى ازدهار هذه البلاد، وما يُستورد يكون مكلّفاً جداً بالطبع. فالزخرفيات تُستورد من النمسا وألمانيا بشكل رئيسي، والمواد المعدنية، والأبواط والأحذية تُستورد من كل من إنكلترا وفرنسا. وأرسلت روسيا خلال السنوات القليلة الماضية كميات كبيرة من الطحين إلى سورية. وتولت مانشستر توريد البضائع والمواد القطنية والمنسوجات المزخرفة ذات الألوان الفاقعة اللامعة التي تسر وتلائم الذوق الشرقي، إلا أن تجارة هذه المواد المربحة سرعان ما بهتت الآن بسبب الركود الاقتصادي الحاصل. ووردت كميات كبيرة من الأرز إلى هذه البلاد، إذ أن السكان المحليون مغرمون جداً بتناوله. ويستورد السكر بشكل رئيس من كل من مصر وفرنسا، إلا أنه لا يستورد سوى كميات ضئيلة من السيجار، لأن السكان لا يستخدمونه، إما لأنه باهظ الثمن جداً، أو لأنه قوي جداً ويحتوي على تبغ كثير لا يستسيغه السوريون أو العرب عموماً ويفضلون تدخين لفائف التبغ أو السجائر عليه. علاوة على ذلك، سرعان ما أقلع الأجانب أيضاً عن تدخين السيجار وتحوّلوا بدلاً من ذلك إلى تدخين السجائر، التي شكلت مع النارجيلة (الأركيلة)، التي تدخن في أوقات الفراغ بديلاً عن تدخين الغليون والسيجار من العالم الغربي.

الصفحات