قراءة كتاب للعمر صداه

تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"

‏اللغة: العربية
للعمر صداه

للعمر صداه

رواية "للعمر صداه" للكاتبة الفلسطينية د. انتصار خضر الدنان، نقرأ من مقدمتها:
ليست الحياةُ طريقاً واحداً تسير فيه الشعوب، وليس الموت أو الشهادة نهاية أجل الإنسان، إنما هناك إناسٌ كثر ميّتون وهم ما زالوا على قيد الحياة.

تقييمك:
0
لا توجد اصوات
الصفحة رقم: 7
العمر مرير، ومرارته الكبيرة في حزن طفليها الرّاقدين خلف زاوية الباب، ينتظران بفارغ الصّبر عودة الأمّ لتسدّ رمقيهما، أو لتفتح عليهما باب قفصهما الموصد بأقفال الحزن؛ ليخرجا ويتنشّقا هواء العمر القادم من خلف قضبان القهر والعوز والخيبة؛ ليشعرا بأنهما طفلان يستحقّان أن يعيشا كسائر الأطفال. يمرحان، يلهوان، يتمتّعان بطفولتهما الّتي سلبتها الأيّام.
 
الطّفولة المفقودة وسط عبرات الحزن المميت والألم الجاثم في القلوب متحسّراً على ما هو آت.
 
وهي، أين هي من الزّمن القادم؟
 
وهي، أين هي من الأيّام القادمة؟
 
وهي، أين هي من العيون المفترسة حولها؟.
 
تقاسي ظلم العيون، والألسن الّتي قد تنتهشها، والألم يعتصرها.
 
وأين هي من دمع طفليها وغدر الزّمان بهما؟
 
ليس من يلملم جراحاتها سوى لقمةٍ فارغةٍ تشدو ألماً لانتزاعها من غضب السّنين.
 
الغصن بدأت أوراق طريّة تكسوه، يبـشّرها بلملمة بعض من الجراح. نظرت إليه وقالت له: "لقد أورقت أغصانك أيّها الغصن، لكنّ أوراقي يبست ومن على غصنها سقطت".
 
ساورتها الهموم دائماً بالتّفكير بيوم غدٍ، بيومٍ يأتي لا تدرك معالمه.
 
ظلّت الهموم ملحّةً باللّحاق بها طوال نهارها، حتّى سهادها.
 
الطّفلان ازداد تفتّحهما والبرعمان انسلخ عنهما الكِمّان، وبدأا يشعّان تحضّراً للمستقبل القادم على صهوة جوادٍ مجهولٍ، لا يحدّده إلّا القدر المجهول الهويّة، لكنّها كثيراً ما كانت تجلس على صخرة الأمل، وتتأمّل الأفق، وترقب شمسها عند الغروب، وتناجي الحبيب المنتظرة عودته من بين ركامات اللّهفة والشّوق لعشقٍ عتيقٍ.
 
غروب الشّمس هذا النّهار كان مختلفاً، فالحبيب أمامها تناجيه بكلّ جوارحها، والشّمس بدأت تنسحب مهزومة تجرجر خلفها هزيمة يومها الّذي مرّ بدموع الغربة وألم الفراق.
 
قالت له: "لم تغب يا نبض قلبي، وعشق روحي يوماً عن بالي، ولم يفارق خيالك سهادي.
 
أراك فارساً عملاقاً خلفك تسير الجياد، صورة الفدائيّ لازالت تركض في أحلامي، خلفك، تبحث عنك وتعلم أنه كصخرة القدس العتيّة".
 
- "تعالي عانقي معي الحريّة، اصنعي بريق فؤادك مجداً ينير سماءنا عِزّةً أبديّة".
 
ناداها أحد أولادها، استفاقت من غفوتها، وأدارت وجهها نحو الصّوت الخافت المليء بالحنيّة، وإذ بابنها الصّغير يناديها، ويطلب منها الدّخول إلى المنزل.
 
الشّمس ذهبت لترقد تحت ضوء القمر. دخلت بيتها تمسك بيد ابنها وتغلق باب بيتها على نهارٍ مرّ من عمرها بائسٍ مهزوم، تغلق بابها علّها تفتحه غداً على أملٍ بيومٍ جديدٍ.
 
فتحت بابها هذه المرّة على نهارٍ جديدٍ لم تر مثله من قبل. إنّها على موعدٍ مع الحبيب المنتظر، الحبيب الّذي غاب خلف السّحب.

الصفحات