قراءة كتاب للعمر صداه

تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"

‏اللغة: العربية
للعمر صداه

للعمر صداه

رواية "للعمر صداه" للكاتبة الفلسطينية د. انتصار خضر الدنان، نقرأ من مقدمتها:
ليست الحياةُ طريقاً واحداً تسير فيه الشعوب، وليس الموت أو الشهادة نهاية أجل الإنسان، إنما هناك إناسٌ كثر ميّتون وهم ما زالوا على قيد الحياة.

تقييمك:
0
لا توجد اصوات
الصفحة رقم: 8
الاجتياح الإسرائيلي الّذي لم تكن تنتظره مع عائلتها الصغيرة أدركها على ألمٍ من نوعٍ آخر. اتُخذ قرار عسكريّ من قبل جيش العدو الإسرائيلي باجتياح لبنان، ليـضرب المقاومين (الفدائيين) الفلسطينيين المتواجدين في جنوب لبنان، وفي العاصمة بيروت، قرّر العدو الصّهيونيّ أن يشنّ حملةً عشوائيّة ضدّ المدنيين الآمنين، بحجّة ضرب المخربين. المخرّبون الّذينيريدون محاربتهم هم أصحاب قضية وأصحاب أرض، لهم الحقّ في أن يحاربوا، ويقاتلوا ويستشهدوا من أجل استعادة أرضهم واستعادة كرامتهم، هذه الأرض تصغر أمامها كلّ الدّنيا. قرّر بسياسته الهمجيّة وأطماعه تدمير الأمّة العربيّة والاستيلاء على ثرواتها الطّبيعيّة، يريد أن يقـضي على ما تبقى للعرب من كرامة.
 
بدأ غزوه على معظم الأراضي اللّبنانيّة. (هجوم بالطّائرات جوّاً، وبالدّبابات برّاً، البارجات البحريّة تمدّ حممها صوب كلّ ما يقع تحت ناظريها)، ولاتشتمّ من حولك إلا رائحة الغضب والحزن، والموت تعبق رائحته بدم الشّهداء الّذي روى تراب الأرض، رواها بدم المظلومين والمقهورين، المسلوبة منهم أرضهم.
 
استطاع جيش العدو الإسرائيليّ التّقدم نحو معظم المناطق الجنوبيّة، وبطائراته الحربيّة بدأ يشنّ هجومه على مخيم عين الحلوة وعلى منطقة صيدا، فلم يستثنِ الأطفال والشّيوخ والنّساء، بدأ يلقي بنيرانه حتى على المستشفيات، والملاجئ الّتي أوى إليها النّاس، الموت انتـشر في كلّ الأنحاء، ومقبرة ساحة الشّهداء في صيدا تشهد على مدى همجية العدو الإسرائيليّ، وفتكه بأرواح النّاس.
 
قبل أن يشنّ هجومه البريّ، عمل على حماية جنوده، فراح من طائراته يلقي منشورات كُتبَ عليها "جيش الدّفاع الإسرائيليّ يحذّركم من وجود المخرّبين بينكم، سلّم تسلم، ومن يسلم، فليرفع الرّاية البيضاء للحرص على سلامته".
 
بدأ الهجوم البرّيّ، لكن لم يسلم منهم شيء، حتّى الحيوانات. دخلوا المنطقة الّتي كانت تسكنها، ونادوا على النّاس بمكبّرات الصّوت: "جميع الذّكور الّذين هم من سن الخامسة عـشَرة وما فوق يجب عليهم التّجمع في ساحة المنطقة، ومن تبقى من النّساء والأطفال، والشّيوخ عليهم ترك بيوتهم والنّزوح نحو منطقة صيدا صوب البحر".
 
احتارت في أمرها، ماذا تفعل؟ إلى أين تذهب، وهي لا تملك حتّى قوت يومها. نظرت إلى طفليها، والمرارة تقتل قلبها، والخوف يعتريها. مالت إليها طفلتها وسط الخوف والدّمار، وسألتها عن الحل، ماذا ستفعل فهي لا تملك إلاّ بؤسها والخوف.
 
وبصوت هادئ رقيق طلبت منها ابنتها أن تفتح حصالتها، وتأخذ منها ما كانت تدخره ثمناً لتعليمها. المال الّذي كانت تدّخره من مـصروف يومها من أمّها الّتي كانت تتعب في تحصيله، وتذلّ لأجله. كانت الطّفلة تخاف أن تهدر المال على أشياء لا تعنيها هي، أو أنّها كانت تتغاضى عنها إشفاقاً لحال أمّها، فهي ليست كبقيّة الأولاد، هي من غير زمانٍ، وليست لزمانها.

الصفحات