هذا الكتاب محاضرات ألقيت على طلبة الهندسة في كلية الهندسة التكنولوجية في جامعة البلقاء، ولذا جاءت مادة المنهاج "مادة اللغة العربية 102"، وهي مادة أساسية لطلبة جميع الكليات في الجامعات الأردنية من غير المتخصصين باللغة العربية، وقد استقيت هذه المادة بشكل أساس
أنت هنا
قراءة كتاب التنوير في فنون التعبير
تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"
اللغة: العربية
الصفحة رقم: 6
(1) نشأة الكتابة العربية وتطورها
للكتابة معنيان: أولهما التعامل بالحروف ورسم الخطوط على القرطاس. وثانيهما الكتابة الفنيّة والإبداعيّة، ويطلق عليها اسم النثر الفنّي. ولاشك أنّ المعنى الأول يؤدي إلى الثاني ويتّصل به، على الرغم من أنّ التعامل بالحروف له صلة وثيقة بالدراسة والتدريس، ويُسمّى الخط، كما أنّ التعامل بالكتابة الفنية له صلة وثيقة بالموهبة والإبداع والحياة على رُحبها. ويذكر المؤرخون أنّ الخط في مبدأ ظهور الإسلام كان هو الخطّ الأنباري والجيري. وقد سُمِّيَ بعد انتقاله إلى الحجاز بالحجازي وهو أصل النسخ. وكان يكتب به النّزْر اليسير من العرب عامة وبضعة عشر من قريش خاصة. فلما انتصر النبي × على قريش في يوم بدر وأسر منهم جماعة كان فيهم بعض الكُتّاب قبل الفداء من أُميِّتهم، وفادى الكاتب منهم بتعليم عشرة من صبيان المدينة، فانتشرت الكتابة بين المسلمين. ولما فتح المسلمون الممالك ونزلت جمهرة الكتّاب منهم الكوفة عُنوا بتجويد الخط العربي وهندسة أشكاله، حتى صار خطُّ أهل الكوفة ممتازا واستحق أن يسمّى باسم خاص هو (الكوفي) الذي كتب به المصحف وحُلّيت به القصور والمساجد والنقود.
وقد كان الخط العربي في أول عهده يشكو ضروباً من الغموض وعدم الدِّقة؛ لأنّ الكتابة بدأت بدائية لا عناية بها ولا تدقيق في أصولها. وقد رَدَّ ابن خلدون ذلك كله إلى ما كان يتصف به العرب من بداوة وجهل وبُعد عن الحضارة؛ لأنّ الخط في رأيه من جملة الصناعات التي لا يتقنها إلا أهل الحضارة. بيدَ أنّ عناية الخطاطين بنسْخ القرآن واشتغالهم بالأعمال الديوانية جعلهم يدأبون على تحسين الخط العربي، بحيث أدخلوا عليه الإصلاحات الآتية:
1- وضع الحركات من ضمّة وفتحة وكسرة على أواخر الكلمات، وقام بهذه المهمة أبو الأسود الدّؤلي ت 69هـ؛ وذلك بأن أثبت نقطة فوق الحرف كنايةً عن الفتحة، ونقطة بين يدي الحرف كنايةً عن الضمّة، ونقطة تحت الحرف كناية عن الكسرة. وكان يكتب هذه النقاط بصِبْغ يخالف لون المِداد الذي كتبت به الآيات القرآنية، ويغلب على الظنّ أنه الأحمر.
2- تنقيط الحروف المتشابهة منعاً للبس ودفعا لاختلاط المعاني، وقام بهذه المهمة نصر بن عاصم ت 89هـ، وقيل يحيى بن يعمر ت 129هـ، وقيل هما معاً. وقد فعلا ذلك بأمر من الحجاج بن يوسف الثقفي بعد أن كثر التصحيف(1).
3- إثبات الحركات بدل النقاط على أواخر الكلمات خشية أنْ تلتبس نقاط الحركات بنقاط الحروف، وقام بهذه المهمة الخليل بن أحمد الفراهيدي ت 171هـ، فوضع الفتحة والضمة والكسرة بدل النقاط التي كانت تُكتب بمداد أحمر.