هذه هي المجموعة القصصية الخامسة التي أُصدرها بعون الله، ولي في بداية سطورها كلمة موجزة أقولها، وهي تتلخص بالمحاور الآتية:
أنت هنا
قراءة كتاب وتكلم الحجر
تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"
اللغة: العربية

وتكلم الحجر
الصفحة رقم: 5
- 1 -
الطفل القادم
فنجان قهوة، وصباح وليد، ونسمة ناعمة، وشرفة حالمة، تتعلق بأذيال غيمة صيفية ندية وصوت مذيع يتذبذب بين الصحو والغفو، يأتيك بنبأ: طفل لم يمض على قدومه إلى الحياة طويل زمن، يجوب شوارع القدس بقارورة حليب فارغة، يبحث عن مأوى على الأرض التي تلقت أول نسمة حياة خرجت من صدره، يرنو إلى المسجد بعيني ذاكرة المجد، إلى القبة، التي تجوب بحر عينيه، شراع أمل ومحبة وسلام، يرفع أصبعين علامة نصر. وتوقظك صورته في الشاشة الصغيرة من كابوس فقدان الحس.. فتقول:
نيام.. نيام.. نيام.. حفنة شمس عذرية بين يديك، تلثم شفة الليل، بحدِّ الضياء، وتهدهد الصمت بترنيمة.. نيام.. نيام.. نيام. ورشفة من فنجان القهوة، فيسري في الرأس الصحو، ويستيقظ في قلبك حنين القربى، وأوجاع ذوي الرحم، فتنهلُّ دمعة حزن مكبوتة، تعالج حنجرتك بكلمة موؤودة: إلامَ النوم..؟ إلامَ النوم..؟
تفرك عينيك: لتطرد غزو النوم، وهاأنت تَثّاقل إلى الأرض، وتعلو هاماتِ نفسك تثاؤبةٌ حمقى، ولكن بقايا نخوة ترتاد تخومك، تنفض عن وجهك آثار الغزوة، فتهب واقفاً، صائحا..
-ألق عن كاهلك سحر النوم، وابتسم للحجر السحر، واكتب على ظهر حجر، غداً يختبئ يهود داخل جحر.
ترتعد فرائصك للفكرة، وتنتفض جوارحك، وتنداح الجملة الأخيرة في أفقك، فتردد:
داخل جحر..! داخل جحر..! ويحتل ذاكرتك سؤال مستنكر:

