أنت هنا

قراءة كتاب الحرية الاقتصادية في العالم - التقرير السنوي 2007

تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"

‏اللغة: العربية
الحرية الاقتصادية في العالم - التقرير السنوي 2007

الحرية الاقتصادية في العالم - التقرير السنوي 2007

كتاب "الحرية الاقتصادية في العالم - التقرير السنوي 2007" لمؤلفيه جيمس غوارتني وروبرت لوسون ووليم ايسترلي.

تقييمك:
3
Average: 3 (1 vote)
الصفحة رقم: 6

الحرية الاقتصادية والديمقراطية

غالباً ما يستخدم الناس «الديمقراطية» و«الحرية الاقتصادية» بطرق غير صحيحة. وفي بعض الأحيان قد يعكس استخدامهما غير الصحيح سوء فهم. إن الحرية الاقتصادية والحرية السياسية ليس الأمر ذاته. في واقع الأمر، إنهما مختلفتان بشكل أساسي.
أولاً، إنهما مختلفتان فيما يتعلق بمساحة التفاعل الإنساني المشمول. وببساطة، تتعلق الديمقراطية بصنع القرار السياسي، بينما تتعلق الحرية الاقتصادية بالتفاعل من خلال التبادل والأسواق. تكون الديمقراطية حاضرة عندما يكون جميع المواطنين الناضجين لهم مطلق الحرية في المشاركة في العملية السياسية (الانتخاب، التجمع وممارسة الضغط، الاختيار من بين المرشحين)، وعندما يتم تحديد النتائج السياسية بالتصويت عن طريق انتخابات عادلة وصريحة. أما الحرية الاقتصادية فهي تتعلق بحرية الأفراد في تقرير طريقة تطوير واستخدام قدراتهم الإنتاجية، وتبادل السلع والخدمات مع الآخرين، والتنافس في الأسواق، والاحتفاظ بثمار عملهم. والقيود السياسية التي تعيق الأعمال الطوعية والاختيار الشخصي في هذه المجالات تتعارض مع الحرية الاقتصادية، حتى عندما يتم اعتمادها بطريقة ديمقراطية. قد يكون بلد ما ديمقراطياً ويقيّد مع ذلك بشكل شديد الحرية الاقتصادية لمواطنيه. إن تجارب الهند وإسرائيل خلال الفترة من عام 1960 إلى عام 1990 توضح هذه النقطة. وبالمثل، من الممكن أيضاً لبلد ما بقدر ضئيل من الديمقراطية أن يكون فيه درجة مهمة من الحرية الاقتصادية رغم ذلك. توفر هونغ كونغ خلال بضعة العقود الأخيرة مثالاً على ذلك.
ثانياً، إن الأساس للعمل الحر اقتصادياً يختلف بشكل جوهري عن الفعل الديمقراطي سياسياً. فالاتفاق والكسب المتبادل يوفران الأساس للأنشطة الحرة اقتصادياً. وما لم يتفق طرفان على التبادل، فإن العملية لن تحدث. من جهة أخرى، يعتمد الفعل السياسي الديمقراطي على «حكم الأغلبية». فالأغلبية تقرر سواء بشكل مباشر أو من خلال ممثليها، وعلى الأقلية أن تخضع.
إن الأمر سيشكل اختلافاً كبيراً ما إذا كان الاتفاق المتبادل أو حكم الأغلبية هو الذي يؤكد الأنشطة الاقتصادية. فعندما يشكل الاتفاق المتبادل الأساس للنشاط الاقتصادي، فإن كلاً من المشترين والبائعين سيكونون «رابحين» وسوف يكون هنالك ميل قوى لكي تستخدم الموارد بطريقة منتجة - أي لإنتاج سلع يقيمها الناس أكثر من الموارد المطلوبة لإنتاجها. في المقابل، لا يوجد مثل هذا الميل بموجب حكم الأغلبية. عندما يتم أخذ مشروع ما بطريقة سياسية، حتى لو كانت العملية ديمقراطية، فعلى الأقلية أن تدفع الضريبة حتى لو أن المشروع سيجعلهم أسوأ حالاً. إن العملية السياسية تخلق «خاسرين» بالإضافة إلى «رابحين.» علاوة على ذلك، لا توجد ضمانة بأن مكتسبات الرابحين سوف تتجاوز التكاليف المفروضة على الخاسرين. وفي واقع الأمر، ثمة عدة ظروف تنطوي على وجود سبب منطقي للاعتقاد بان التكلفة المفروضة على الخاسرين ستكون اكبر من المزايا التي يستنبطها الرابحون.
تميل العملية السياسية أن تكون قصيرة الرؤية. وتنحاز صوب اعتماد برامج توفر مزايا فورية جلية بدرجة كبيرة على حساب التكاليف المستقبلية الصعب تحديدها. علاوة على ذلك، عندما تنخرط الحكومة بقوة في الأنشطة التي توفر الفوائد للبعض على حساب الآخرين، يتشجع الناس إلى تحويل الموارد بعيداً عن الأنشطة الإنتاجية، وباتجاه ممارسة الضغوطات، ومساهمات التأييد، وأشكال أخرى من السعي نحو التأييد السياسي. وعلى نحو متوقع، فإن تحويل الموارد بعيداً عن الإنتاج وباتجاه السعي نحو التأييد السياسي سوف يولد العجز الاقتصادي.
إن «تأثير المصلحة الخاصة» هو الذي يوفر السبب الأكثر أهمية بان العملية السياسية غالباً ما تخفق - والسبب في أنها غالباً ما تؤدي إلى سياسات تحدث ضرراً أكثر مما تجدي نفعاً. وفي أغلب الأحيان، يجد المسؤولون الحكوميون أن دعم مواقف المجموعات الخاصة المنظمة جيداً على حساب المستهلكين ودافعي الضرائب أمراً مغرياً. وسوف يكون ذلك صحيحاً حتى عندما تكون المكاسب المستنبطة من مجموعة المصالح أقل بشكل أساسي من التكلفة المفروضة على الناخبين الآخرين. إن مجموعات المصالح المنظمة جيداً توفر للسياسيين بمصدر متاح فوري من مساهمات التأييد والموارد السياسية الأخرى التي تساعدهم على الفوز في الانتخابات اللاحقة. في المقابل، فإن أولئك المتضررين من سياسات المجموعات الخاصة من غير المتحمل أن يقدموا الكثير من المساعدة السياسية لأنهم غير منظمين إلى حد كبير وعادة ما يكون اطلاعهم ضعيفاً.
بناءاً عليه، تتميز العملية السياسية الديمقراطية بوجود السياسيين الذين «يقايضون» البرامج التي تفيد مجموعات المصالح الخاصة على حساب الجمهور العام مقابل المساهمات السياسية التي سوف تساعدهم على الفوز بالانتخابات التالية. في المقابل، بوجود أعمال السوق التي تعتمد على الاتفاق المتبادل، لا توجد ضمانة بأن العمل السياسي سوف يكون منتجاً، وبأنه سوف يوسع الإنتاج، ويعزز مستويات دخل المواطنين.
إن الديمقراطية غير المقيدة ليست النظام السياسي المكمل أكثر ما يكون للحرية الاقتصادية؛ بينما الحكومة المحدودة دستورياً هي كذلك. فالقيود الدستورية، والإجراءات الهيكلية المصممة لتعزيز الاتفاق، وتقليص قدرة المجموعات الخاصة على استغلال المستهلكين ودافعي الضرائب، والمنافسة بين الوحدات الحكومية يمكن أن تساهم في تقييد نزوات الأغلبية وتعزيز العمل السياسي الأكثر توافقاً مع الحرية الاقتصادية. ومن المعروف على نطاق واسع أن حماية الحريات المدنية تقتضي وجود قيود سياسية قادرة على ضبط تجاوزات الأغلبية.
بناءً عليه، لا نعتمد على قانون الأغلبية لحماية الحريات المدنية مثل حق حرية التعبير، حرية الصحافة، الحق في التجمع، والحرية الدينية. بدلاً من ذلك، تم الإدراك بان الحماية الدستورية والهيكلية لازمة لتأمين تلك الحريات. والأمر ذاته صحيح فيما يتعلق بالحرية الاقتصادية. فالحريات الاقتصادية الأساسية مثل (أ) الحق في التجارة مع الآخرين، بما في ذلك الأجانب وفق شروط متفق عليها بشكل متبادل، (ب) الحق في الدخول والمنافسة في التجارة أو الوظيفة التي تختارها، (ت) الحق بالاحتفاظ بما تكسبه، و(ث) الحق في حماية ملكيتك من مصادرتها من قبل الآخرين بمن فيهم الحكومة، هي حريات مهمة جداً لتترك لتقدير «حكم الأغلبية». ومثل الحريات الأساسية الأخرى، فإنها تستحق الحماية الدستورية والإجرائية والهيكلية.

الصفحات