أنت هنا

قراءة كتاب الدافعية

تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"

‏اللغة: العربية
الدافعية

الدافعية

انقضت سنوات عديدة على صدور آخر مؤلف لي، ومنذ ذلك الحين بدأت تراودني وتعاودني الأفكار حول الموضوعات التي يجب أن أكتب بها، وحقيقةً تبين لي كلما ازدادت احتفالات عيد الميلاد الشخصي، وزاد الإنتاج الأدبي كلما نضجت الأفكار وأينعت المساهمات الفكرية السابرة، وتكشفت

تقييمك:
5
Average: 5 (1 vote)
الصفحة رقم: 2

التجريبية ومذهب اللذة

لم يتوافق Thomas Hobbes (1588-1679) مع معاصره وزميله Descartes واعتبر أن الأجسام هي مادة ويشمل ذلك الأجسام البشرية. وتتحرك المادة أو يتم تحريكها بالتناغم مع مبادئ الميكانيكا: فإذا حرّك الدماغ الجسم، بالتالي لا بد أن يكون الدماغ جزء من نظام ميكانيكي. فما نسميه أحداث عقلية يجب أن تنتهي إلى حركة مادية. وبالتالي فكل شيء اعتبر مادة حتى الفعل السلوكي وهذا ما بلور فكرة المذهب المادي.
لذا قال Hobbes: هذا ليس على درجة كبيرة من الصعوبة تقبله. لذا اعتبرت الأحاسيس أحداثاً عقلية ولكنها منتجَة مادياً فنحن نرى لأن الضوء يضرب العين، ونشعر لأن الأجسام تلامس جلدنا، وقد تتكون الأحاسيس ببساطة عن حركات السوائل، أو يعمل الدماغ نتيجة استجابته للطاقة المؤثرة من الخارج. لكن النتائج أو الآثار اللاحقة للمدخل الحسي تدوم مثل التموجات في البحيرة، بعد أن يُضرب الماء بحجر.
لذا تبلورت وجهة النظر المعروفة بـ «التجريبية» والتي تؤكد على أن الشخص تبدأ معرفته من خلال التجربة الحسية، وأن الأحداث العقلية هي في الواقع مجرد جزء من النظام الفيزيائي المادي وهذا مؤداه إلى أن العقل معمول من التعابير الحسية التي تسببها الحوافز المادية.
كيف يمكن تفسير كل ذلك على الدافعية؟ بشكل مباشر جداً، فالعالم الخارجي - وبتأثيراته - تغذي العقل بأفكاره وذكرياته. والمحفز يسبب التفكير. وفي المقابل فإن العقل يسبب السلوك، والحركة المحمولة بواسطة المحفز يتم نقلها للعضلات. فإذا كانت الحركة على درجة كافية من القوة فإن الجسم بذاته يكون قد تحرك نحو أو بعيداً عن الحوافز. فإذا كان باتجاه الحوافز فإننا نتكلم عن الرغبة، وإذا كان بعيداً عنها فنحن نتكلم عن النفور أو التجنب.
لذا - يقول Hobbes - إن الحركات في الأعضاء - كما في أي شيء آخر - تسببها الحركة. والسلوك سببه الحافز، والمرغوب منها يحركنا نحوها، والمكروه منها يحركنا بعيداً عنها والإرادة الحرة وهم. فإذا بدا لنا بأننا نفكر وبعدها قمنا بالاختيار فإن ذلك يعني حقيقةً بأننا نختبر خليطاً من الرغبة والنفور. والاختيار ببساطة هو الرغبة أو النفور الذي يأتي أولاً بدرجة قوية كافية للانطلاق كحركة.
قال Hobbes إن الأفكار - بالنسبة له - هي حركة الجسميات الدقيقة في الدماغ، فعندما تتحرك هذه فإنها تؤثر على بعضها البعض، بشكل خاص - وعندما يدخل مدخلين حسيين إلى الدماغ معاً فسيكّون هناك رابطة أو توافق بين صورها أو ذاكرتها المرسلة. وبعد ذلك إذا حدثت فكرة واحدة منها فمن المحتمل أن تحدث الأخرى مثلها.
وعندما نفكر في شخص ما فصورتنا المتخيلة لنا من المحتمل أن تشمل صور أشياء أخرى ترافقها - صوتها مثلاً، وباختصار، تميل الأفكار لأن يتم تعلميها معاً إذا حدثت الرسائل الحسية خاصتها معاً. وهذا هو مبدأ الاقتران أو الارتباط.
وافترض أن فعلاً ما قد يجلب اللذة ولكن قد عوقبنا عليه، ثم إذا فكرنا في الفعل فقد نكون تحركنا لأدائه ولكن بواسطة مبدأ الارتباط سوف نفكر أيضاً بالعقوبة التي تحرك الفعل سابقاً، وهذا يعطي مجالاً لظهور التغير الذي يبعدنا عن الفعل.
هذه هي كيفية إقرار العقوبة المستحقة للسلوك المعاقب. فنحن نصبح مقبولين اجتماعياً ابتداءً لأن المجتمع يقر بأن السلوك المقبول ستتم مكافأته وأن السلوك غير المقبول ستتم المعاقبة عليه، وعندما نفكر بأداء فعل ما فإننا نفكر أيضاً بعواقبه وبالتالي تكون أفعالنا مشجعة أو مكبوتة بواسطة عواقب المجتمع التي وضعها (Govern, 2000).

الصفحات