أنت هنا

قراءة كتاب الدافعية

تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"

‏اللغة: العربية
الدافعية

الدافعية

انقضت سنوات عديدة على صدور آخر مؤلف لي، ومنذ ذلك الحين بدأت تراودني وتعاودني الأفكار حول الموضوعات التي يجب أن أكتب بها، وحقيقةً تبين لي كلما ازدادت احتفالات عيد الميلاد الشخصي، وزاد الإنتاج الأدبي كلما نضجت الأفكار وأينعت المساهمات الفكرية السابرة، وتكشفت

تقييمك:
5
Average: 5 (1 vote)
الصفحة رقم: 8

دافعية الحرمان:
تتألف أول أربع درجات في هرم ماسلو من الحاجات التي يجب تلبيتها قبل الوصول إلى المرحلة النهائية، واعتبرها ضمن الحاجات الحرمانية. ويعتبر ماسلو أن هذه الحاجات تنتج عن العجز في حياة الفرد. وهذا يعني أن السلوكيات المرتبطة بأول أربع فئات يكون دافعها الحرمان من هذه الأشياء الضرورية للتطور الكامل. والسلوكيات الناجمة عن محاولات لإشباع هذه الحاجات، لذلك، يقال إنها تفعّل عن طريق دافعية الحرمان (d-motivation).
وأشار ماسلو أنه على الرغم من أن ترتيب هذه الدرجات الأربعة صحيحاً بالنسبة لمعظم الناس، إلا أن هناك بعض الاستثناءات. وأكثر استثناء شيوعاً هو بالنسبة لبعض الناس يجب أن تسبق حاجة التقدير حاجات الحب. وبالنسبة لهم، من الضروري الشعور بالقيمة قبل تلبية حاجات الحب.
واعتقد ماسلو أيضاً أنه بالنسبة لبعض الأفراد الذين يعانون من الحرمان الشديد على المستوى الجسدي، قد لا تظهر الحاجات الأعلى أبداً. وبالنسبة لهؤلاء الناس يكون كافياً أن يحصلوا فقط على شيء قليل يأكلونه. ومن ناحية أخرى، اعتقد ماسلو أيضاً أن الأفراد الذين يتم إشباع حاجاتهم الأساسية باستمرار سوف يكونوا أقل تأثراً بهذه الحاجات إلا إذا توقف إشباع هذه الحاجات فجأة. وقد يفسر هذا سلوك المضحين الذين يعانون من الحرمان بسبب أفكار مثالية. واقترح ماسلو أن المضحين قد يكونوا قادرين على تحمل الحرمان بشكل أفضل لأن حاجاتهم قد تم إشباعها في أوقات مبكرة من حياتهم وبذلك تعصمهم من التفكير بهذه الحاجات فيما بعد. ومن هذا المنطلق، أكد ماسلو أن أول أربع سنوات من الحياة هامة بشكل خاص في بناء المقاومة للحرمان التالي.
وكما ذكرنا سابقاً، ليس من الضروري إشباع كل مستوى من مستويات الهرم بشكل كامل. وعند إشباع الحاجات الأدنى بشكل جزئي، تظهر الحاجات الأعلى بشكل جزئي. وعندما يتم إشباع الحاجات الأدنى أكثر وأكثر تصبح الحاجات الأعلى بارزة أكثر وأكثر من حيث التحكم في السلوك. وفي النهاية، اقترح ماسلو أن بعض الناس ليس لديهم وعي بهرم الحاجات بشكل كبير.
تحقيق الذات:
عندما نقوم بإشباع أول أربعة مستويات من الحاجات، يمكن الوصول للمستوى النهائي من التطور - الذي أطلق عليه ماسلو تحقيق الذات. وعند مستوى تحقيق الذات يكون سلوك الشخص مدفوعاً بظروف مختلفة أكثر من المستوى الأدنى.
لقد أشبع الفرد الذي حقق ذاته جميع حاجات الحرمان لأول أربعة مستويات من الهرم. ويكون سلوك الفرد الذي حقق ذاته، نتيجة لذلك، مدفوعاً بمجموعة جديدة من الحاجات التي أطلق عليها ماسلو حاجات الكينونة (b-motivation) أو الحاجات النمائية (Develomental needs) وهذه الدوافع هي قيم مثل الحقيقة والشرف والجمال والخير وهي توفر معنى لحياة الفرد الذي حقق ذاته.
والصورة التي يعطينا إياها ماسلو عن الشخص الذي حقق ذاته هي صورة إيجابية جداً. فهؤلاء الأفراد لم يعودوا مدفوعين بشيء ينقصهم، ولكنهم مدفوعين لأن ينموا وأن يصبحوا كل ما يستطيعوا أن يصبحوا عليه. وتحقيق الذات يحفز الناس باستمرار لفحص قدراتهم وتوسيع آفاقهم.
واقترح ماسلو أن عملية النمو التي تقود إلى تحقيق الذات تأخذ وقتاً لا بأس به، وأن معظم الأشخاص الذين تحققوا ذاتهم يبلغون من العمر 60 سنة وأكثر. واعتقد ماسلو أن قلة من الناس في مجتمعنا يصلون إلى تحقيق الذات. وقدر أن أقل من 1% من السكان يمكن اعتبارهم محققين لذاتهم.
إذن فالشخص الذي حقق ذاته هو شخص مستقل، لقد سيطر على النقص في حاجاته ويكون مدفوعاً بما أطلق عليه ماسلو «دافع النمو». وهؤلاء الأشخاص يحاولون حل المشكلات خارج أنفسهم، وأن يصلوا إلى الحقيقة والجمال والعدل وغيرها من القيم العالية. ولا يجب على الفرد، مع ذلك، أن ينظر إلى تحقيق الذات على أنه شيء مثالي. لقد أشار ماسلو أن الأفراد الذين حققوا ذاتهم لديهم العدد الكبير من أنماط الفشل الشائع لدينا. فهم يمكن أن يكونوا سخيفين ومبذرين ومزعجين غافلين ومملين وعنيدين. كما أنهم يظهرون غروراً سطحياً يتعلق بما ينتجونه ويمكنهم أن يظهروا القسوة في بعض الأحيان. وبسبب قدراتهم المتطرفة على التركيز، يظهر أحياناً أنهم شاردي الذهن. ويمكنهم أن يكونوا غير مؤدبين عندما يفكرون بمشكلة ما. كما أنهم يشعرون بالذنب والقلق والحزن والصراع، ولكن هذا يكون ناتجاً عن إدراكهم بأنهم لا يستطيعوا أن يكونوا ما يريدوا أن يكونوا عليه، وليس من كونهم عصابيين.
وفي آخر كتاباته توصل ماسلو (1971) إلى الاستنتاج أن هناك في الحقيقة نمطين من الأفراد الذين يحققون ذاتهم وهم يختلفون من حيث الخبرات بالغة الذروة. فبعض الأفراد الذين يحققون ذاتهم نادراً ما يكون لديهم خبرات ذروة بينما هناك من لديهم خبرات للذروة بشكل متكرر أكثر. ويطلق على هؤلاء الأشخاص الذين يمرون بخبرات بالغة الذروة «المتفوقون» والذين لا يمتلكون خبرات الذروة أطلق عليهم «غير المتفوقين». وكلاًّ منهما يشترك في جميع مزايا تحقيق الذات باستثناء تكرار خبرات الذروة.
ووصف ماسلو النمطية إلى أن تحقيق الذات بحد ذاته قد يحتوي على مستويين. ويبدو أن محققي الذات المتفوقين محققين لذاتهم «إذا كان ذلك ممكناً» أكثر من غير المتفوقين. فعلى سبيل المثال، تصبح خبرات الذروة للمتفوقين مفهوماً أكثر أهمية لحياتهم، ويكونوا مدفوعين بشكل واعي بـ b-Motivation ويعتقدون، ويتحدثون بلغة تتعلق بالشرف والحقيقة والجمال والكمال. وكذلك يرى المتفوقون قدسية الأشياء بشكل كامل، ويكون لديهم احتمال أكبر لأن يكونوا متدينين بشكل عميق. ويكون منهجهم كلي أكثر في التعامل مع العالم. ويعجب بهم الناس أكثر، والممتع أن ماسلو اعتقد أن المتفوقين قد يكونوا أقل سعادة من غير المتفوقين. واقترح أن هذا يكون بسبب قدرتهم على رؤية عناء الناس بشكل واضح أكثر، وأن يعانوا من نوع من الحزن العالمي لفشل الآخرين (Maslow, 1973).

الصفحات